للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه أن يكون عالمًا بمذاهب أهل البيت. وكان يعاونه اثنا عشر نقيبًا، ونواب فى سائر البلاد. ومن أهم أعماله رياسة الدعوة الإسماعيلية؛ وأخذ العهد على المريدين، إما مباشرة وإما بوساطة نوابه فى مصر، وفى غيرها من البلاد التى ساد فيها المذهب الإسماعيلى؛ والإشراف على محاضرات مجالس الدعوة فى المكان المخصص له بقصر الخليفة وبالجامع الأزهر. وكان يقرأ على الناس مصنفاته، ويتصل به دعاة الإسماعيلية، ويتلقون منه الأوامر، ويقدمون له ما أعدوه للمحاضرة فى أصول المذهب الإسماعيلى.

وكانت مجالس داعى الدعاة تفرد للناس، كل حسب طبقته "فكان لآل على مجلس، وللخاصة وشيوخ الدولة مجلس، ولمن يتصل بالقصور من الخدم وغيرهم مجلس، وللعامة والوافدين على البلد مجلس، وللحرم خواص الخليفة مجلس، وللنساء فى جامع القاهرة، المعروف بالجامع الأزهر، مجلس.

وقد وجه الخليفة المعز لدين الله الدعوة الإسماعيلية توجيهاً علمياً؛ فكان يؤلف الرسائل والمحاضرات التى تتضمن أصول المذهب الإسماعيلى وخصائصه، ويبعث بها إلى قاضى قضاته أبى حنيفة النعمان المغربى، فيلقيها على الناس. يحدثنا هذا القاضى فى كتابه "المجالس والمسايرات" بأنه "لما فتح المعز لدين الله للمؤمنين باب رحمته، وأقبل عليهم بوجه فضله ونعمته، أخرج إلىّ كتابًا من علم الباطن، وأمرنى أن أقرأه عليهم فى كل يوم جمعة فى مجلس فى قصره المعمور بطول بقائه؛ فأكثر اجتماع الناس، وغص بهم المكان، وخرج احتفالهم عن حد السماع، وملأوا المسجد الذى أمر باجتماعهم فيه".

كان لأبى حنيفة النعمان المغربى وأبنائه، وهم جميعاً من رجال القضاء والأدب، الفضل الأكبر فى نشر الثقافة المذهبية، التى تتصل بالدعوة الإسماعيلية. وقد عاصر أبو حنيفة النعمان الفاطميين بالمغرب، وكان مالكى المذهب، ثم تحول إلى المذهب الإسماعيلى، وقدم إلى مصر هو وأبناؤه فى ركب المعز. ويذكر ابن خلكان فى كتابه "وفيات الأعيان" أنه