للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على حين أن لقب شيخ الإسلام كان دائمًا مقصورًا على العلماء والمتصوفة شأنه شأن ألقاب التشريف المركبة الأخرى التى يبدأ جزوها الأول بكلمة شيخ (مثل شيخ الدين؛ وقد لقب ابن خلدون الفقيه أسد بن الفرات بلقب "شيخ الفتيا" انظر المقدمة، ترجمة ده سلان، جـ ١، ص ٧٨). وكان لقب شيخ الإسلام من دون هذه الألقاب جميعا هو أوسعها استعمالا. وهكذا نجد فى القرن الخامس الهجرى أن رأس فقهاء الدين الشافعية فى خراسان إسماعيل بن عبد الرحمن قد لقب بشيخ الإسلام الذى تمثلت فيه خير صفات هذا اللقب (انظر أيضا الجوينى: جهان كشا، جـ ٢، ص ٢٣ حيث وردت فى هذا الكتاب إشارة إلى "شيخ الإسلام خراسان")، ونجد فى هذا العهد نفسه أن أنصار الصوفى أبى إسماعيل الأنصارى (١٠٠٦ - ١٠٨٨ م) قد لقبوه بهذا اللقب (السبكى: الطبقات، القاهرة ١٣٢٤ هـ، جـ ٣، ص ١١٧؛ جامى: نفحات الأنس، طبعة Lees، كلكته ١٨٥٩، ص ٣٣، ٣٧٦). وكذلك لقب بهذا اللقب فى القرن السادس الهجرى فخر الدين الرازى. ونذكر من بين من لقبوا بشيخ الإسلام فى القرون التالية: الشيخ الصوفى صفى الدين الأردبيلى (Persian Literature in Modern Times: Browne، ص ٣٣) والمتكلم التفتازانى. على أن لقب شيخ الإسلام أصبح فى مصر والشام لقب تشريف (ولكنه ليس لقبا رسميا) لا يطلق إلا على الفقهاء وبخاصة أولئك الذين أكسبتهم فتاواهم شهرة أو اعترافا من جمهور الفقهاء بالفضل، وكان ذلك على وجه خاص فى أوائل العهد المملوكى. ومن ثم فإن خصوم ابن تيمية فى المناظرات التى أثارتها أقواله، قد أنكروا عليه لقب شيخ الإسلام الذى خلعه عليه أنصاره.

وإن المجددين فى أيامنا هذه المتأثرين بابن تيمية وابن قيم الجوزية يصورون هذين الفقيهين فى صورة إمامين من أئمة الدين جديرين حقا بأن يلقبا بلقب شيخ الإسلام (المنار، جـ ١ ص ٢٤، فى قول Die Richtungen der islamischen Koranaus legung: Goldziher، ص ٣٣٩) ومن ثم فإن شيخ الإسلام أصبح حوالى سنة ٧٠٠ هـ (١٣٠٠ م)