للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد التحق القاضى ابن شداد، كاتب سيرته، بخدمته فى تاريخ متأخر، أى من سنة ٥٨٤ هـ (١١٨٨ م)، بوصفه كاتبه الخاص.

وملك صلاح الدين زمام الحكم فى مصر، وأثار عداء الحرس السودان (النوبيين والأحباش) الذين كانوا قد جلبوا إلى القاهرة جنودا مرتزقة فاستولوا على السلطان فى ظل الخلفاء الضعفاء وشغلوا المناصب ذات الشأن فى البلاط وفى الحكومة، وانضم إليهم الجميع، ذلك أنهم وهم من غلاة الشيعة كانوا يميلون إلى السخط على صلاح الدين واعتناقه مذهب أهل السنة، وأرسل كبير الحجاب فى قصر الخليفة يستنجد بالملك أمورى, على أنه قبض على رسوله ففشلت الخطة، وقتل الخصى ووضع مقر الخليفة تحت حماية رجال يمكن الاعتماد عليهم، ومن ثم تمرد الحرس السود فى القاهرة فأحرق صلاح الدين منازلهم ليستطيِع التغلب عليهم، ولكنهم هربوا إلى الجيزة وهناك استأصل شأفتهم جنود صلاح الدين، ولم يرتض الفرنجة حكم صلاح الدين فقد عدوه بحق مصدر تهديد لبيت المقدس، فأرسلوا الرسل يطلبون بصفة عاجلة العون من فرنسا وألمانيا وإنجلترا والإمبراطور البوزنطى والبابا، ونجحوا فى الحصول على جيش يحمله أسطول من السفن سار إليهم من القسطنطينية، كما أرسلت إليهم قوة ثانوية من إيطاليا الجنوبية، واتفق البوزنطيون والفرنجة على الاستيلاء على دمياط أولا ثم السير إلى القاهرة، واستنجد صلاح الدين بنور الدين، ذلك أنه وجد نفسه مضطرًا إلى أن يدفع عن نفسه شر الفرنجة والبوزنطيين من ناحية، وأن يحسب حساب المصريين الذين لم تكن تهدأ لهم ثائرة قط من ناحية أخرى، وكذلك طلب أن ترسل إليه النجدات تحت إمرة أبيه، فى الوقت الذى طلب فيه أيضًا من أفراد أسرته أن يقفوا إلى جانبه فى القاهرة.

ولعل انتصارات الفرنجة والبوزنطيين كانت حقيقة بأن تكون أكبر وأعظم لو لم يطل الحصار أكثر مما كان مقدرًا له بفضل حمية المدافعين؛ وأخذ الجيش البوزنطى يعانى