للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

Mekka، جـ ٣، ص ١٨٩) على أن القوم فى آشى يقيمون صلاة الجنازة فى الجزء الأمامى من الحى القائم أمام بيت الميت، وقد جرى على ذلك أيضًا أهل جاوة (The Achehnesse: Snouck Hurgronje, جـ ١، ص ٤٢٣؛ المؤلف نفسه: Verspr. Geschr، جـ ٤، ص ٢٤٢) وهذا مباح شرعًا على الأقل وإن لم يكن ممدوحا (ويتوقف الأمر على المذهب المعتنق).

ولا يستوجب الأمر أن يكون الجثمان حاضرًا أثناء الصلاة، وقد جرت العادة فى مكة على إقامة صلاة الجنازة لمن يموتون بعيد، عن ديارهم (Mekka: Snouck Hurgronje، جـ ٢، ص ١٨٩). وتبرير هذه السنة يلتمس فى الحديث المتواتر الذى يروى أن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] أقام صلاة الجنازة على النجاشى فى المدينة (انظر ما أشرنا إليه آنفًا).

(٥)

لقد جرى النقاد الأوربيون على تناول مسألة مكانة الصلاة من زاوية واحدة، ولا مناص لنا من التسليم بأنهم يجنحون إلى اتباع ما قاله به رانكه Ranke من تعليق أهمية كبرى على الصلاة من حيث هى شعيرة تأخذ المرء بالنظام.

ولا شك فى أن جانبا كبيرًا من حياة الجماعة قد تركز فى الصلاة وحولها فى المدينة على حياة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، ولا شك أيضًا فى أن عقلية العربى الجاهلى قد تحولت عن طريق الصلاة إلى عقلية المسلم. وتكررت هذه الظاهرة نفسها من بعد فى أقاليم الخلافة، ولا جدال فى أن الصلاة ظلت من أعظم العناصر تأثيرا فى تكوين الجماعات.

على أن الأوربى قد جرى على أن يقيم حكمه على الصلاة من وجهة نظره الخاصة، فالبروتستانتى يفتقد فيها الحياة الباطنة والكاثوليكى من أتباع الكنيسة الرومانية يفتقد فيها فخامة الطقوس وروعتها.

وكلتا النظرتين مخطئة من الناحية العلمية، ومن يريد أن يكون فكرة واضحة عن مكانة الصلاة يجب عليه أن يسأل هذا السؤال: "ماذا تعنى الصلاة للمسلم؟ ".