للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكانت الصناعة التى تتم فى هذه البلدان على أيدى النساجين القبط تخضع لرقابة دقيقة من الدولة (المقدسى: المكتبة الجغرافية العربية، جـ ٣ ص ٢١٣؛ وانظر Die Renaissance des Islams: A.Mez ص ١١٨؛ Islamstudien: C.H.Becker ص ١٨٤) تبدأ منذ قيام النساج بالعمل على نوله. وكان يختم على هذه المنسوجات بختم السلطان، ونحن نعرف شكل هذه الأختام من الختم الأحمر الموسومة به قطعة الكتان (Inv. Ar. Lin رقم ١) بمجموعة رينر Rainer المكتوب عليها "الملك المعز" (انظر Corpus Pap: Rained جـ ٣، السلسلة العربية جـ ١، قسم ١، ص ٥٩ وما بعدها، رسم رقم ٢)؛ ولا تباع "إلا على يد سماسرة قد عقدت عليهم، وصاحب السلطان يثبت ما يباع فى جريدته، ثم تحمل إلى من يطويها، ثم إلى من يشدها بالقشى [ولعله ورق البردى الغليظ] ثم إلى من يشدها فى السفط، وإلى من يحزمها، واحد منهم له رسم يأخذه، ثم على باب الفرضة يؤخذ أيضًا شئ. وكل واحد يكتب على السفط علامته" وهذا العمل كله لا يدل دلالة قوية على أنه كان هناك مصنع حكومى يقوم بعمل هذه الثياب، بل إنا لنميل إلى القول بأنه كان فى الدلتا على الأقل صناعة تمارس فى المنازل الخاصة، والراجح أنها كانت تقوم جنبًا إلى جنب مع المصانع الحكومية. وكان نصيب العمال من هذه الصناعة يبعث على الأسى، فالنساء تغزلن والرجال ينسجون، وهم الذين يستأجرون أماكن العمل، وكان أجر الفرد منهم نصف درهم كل يوم وهو مبلغ لا يكفى للوفاء بأقل الحاجات الضرورية للمعيشة. وكانت الأجور فى مصر كلها منخفضة جدًّا. وكانت الثياب الحريرية والديباج والابريسم تصنع بصفة خاصة فى الإسكندرية، وكذلك الثياب الكتانية الرفيعة المعروفة باسم "الشرب" كما كانت هذه الثياب تصنع أيضًا فى تنيس، ودمياط، وشطا (انظر Culturgeschichte: A.v. Kremer جـ ١، ص ٣٥٣) وكانت الاسكندرية تشتهر حتى فى الأزمنة الرومانية بأنها مركز لنسج الحرير كما كان فى البلاط البوزنطى بها مساكن للنساء يقمن فيها بإعداد الثياب. ولم تكن مادة الثياب