للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السكيت وتسعة أبيات فقط عند آلوارت رقم ١٧.٧). (١) وهى تدل على أن التوتر كان قد بلغ منتهاه، فإنه يُستشف من قصيدة لأخت طرفة لم يذكرها ابن السكيت أن عبد عمرو كان مسئولا مسئولية كبرى عن وقوع طرفة فى يد حاكم البحرين (وهذه القصيدة لم يذكرها آلوارت ولا سلكسون Seligsohn) ويذهب ابن السكيت إلى أن حاكم البحرين لم يكن راغبًا فى قتله وأن الملك أرسل واحدًا من رجاله فقتل الحاكم الخارج عليه كما قتل طرفة.

وعلينا أن نورد مقابل هذه قصة الخطاب، ففى رواية مشهورة أن الملك عمرا رأى أن يعطى طرفة وقريبه المتلمس، بعد وفودهما على مقر ملكه زائرين حيث قابلهما بالترحيب، خطابًا لكل منهما يوصى حاكم البحرين بأن يكافئهما مكافأة تليق عند وصولهما. وهذا الأسلوب فى المكأفاة مع أنه لم يكن مألوفًا، فقد كان مقبولًا فى ظاهره ظنًا بأن العطاء سوف يكون من ماشية. غير أن المتلمس داخلته ريبة ففض ختم الخطاب وطلب إلى غلام من الحيرة أن يقرأ ما تضمنه الخطاب. وعند قراءة الخطاب وجد أنه يتضمن أمرًا بقتلهما. وحرصًا على حياته عزم على أن يذهب إلى الشام ونصح طرفة بأن يفتح هو الآخر خطابه، غير أن طرفة أبى أن يفعل فعله ظنًا منه أن الملك يستحيل عليه أن يجرؤ فيقتله وهو بين عشيرته. وعلى حين هرب المتلمس إلى الشام ومن هناك بعث بقصائده الهجائية إلى الملك، فقد ذهب طرفة إلى البحرين ولقى حتفه الشنيع، إذ دفن حيًا بعد أن قطعت أطرافه.

وإنى أعتقد أن هذه الرواية اخترعها علماء التراث القدامى الذين عرفوا من قصائد المتلمس أن طرفة ذكر خبر الخطاب فى شعره، ولكن محتوياته لم تكن معروفة، وقد تكون ذات صيغة تختلف عن هذا الاختلاف كله.

وابن الأنبارى فى تقديمه لشرحه على المعلقات يسوق سلسلة غير منقطعة من الأسانيد تصل إلى المتلمس نفسه، سلسلة تنم الظواهر كلها على أنها حقيقية إلا إذا اشتبهنا فى صحة رواية حماد الراوية (طبعة Rescher، ص ١). ومن الشرح نفسه نعلم أن طرفه استقبل من الملك


(١) بيت طرفة:
فليت لنا مكان الملك عمرو ... رغوثا حول قبتنا تخور