للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبنهاية القرن الأول الهجرى (السابع للميلاد) شعر الموالى بضرورة إتقان الفصحى السوية وأدى هذا إلى البدء فى الدراسات النحوية بينما واصل العرب الحفاظ على نقاء لغتهم، لجعلها مثلا يحتذى، وكان ما ينطق به البدو أساسا لوضع القواعد (النحو) وبناء على ذلك ظهرت المدارس النحوية فى الكوفة والبصرة.

لقد ساعد الاهتمام بأمثال العرب وأيامهم وبالمغازى والسيرة على الحفاظ على اللغة العربية الفصيحة، أما الاهتمام بحديث الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- وبعلم الفقه فقد ساعد على أن تترك التغيرات الاجتماعية والاقتصادية أثرها من حيث الكلمات المستخدمة والأسلوب وطريقة الصياغة، بل وحتى فى الصرف أو بنية الكلمات. وقد تأثر النثر الفنى الذى لا يتناول موضوعات دينية فى العصر العباسى الأول بتلك التغيرات الاجتماعية والاقتصادية وإن كان ذلك على نحو مختلف، فقد أدت هذه التغيرات إلى بزوغ نجم العناصر غير العربية كما أدت إلى إحياء تراث ما قبل الإسلام وإحياء الهيلينية الشرقية (الهيلينستية) بشكل ترك تأثيرا فائقًا فظهر شعراء مُحْدثون مثل أبى العتاهية الذى كان يمثل اتجاها جديدا رغم التزامه بالشكل التقليدى للقصيدة العربية. ويمكننا أن نجمع من كتابات الجاحظ (١٦٥ - ٢٢٥ هـ) ما يفيدنا فى التعرف على أحوال العربية فى نهاية القرن الثانى للهجرة (الثامن للميلاد) من حيث النطق الخاطئ واللّحن من ناحية والكياسة فى التعبير والتملق والكلف والتأنق فى اختيار الألفاظ والمعانى من ناحية أخرى إلى جانب معرفتنا باللغة العربية الفصيحة كما ينطقها البدو الخفص وما اعتراها من تغضّن والتواء قل أو كثر نتيجة جريانها على ألسن الزراع والتجار والباعة الجائلين وغيرهم.

ودخلت العربيةَ مصطلحاتٌ لا حصر لها نتيجة جهود المترجمين والعلماء الذين جعلوا التراث الفلسفى اليونانى والطب والرياضيات وغيرها متاحة للعقل الإسلامى. لكن هؤلاء المترجمين والعلماء كانوا فى غالبهم من المسيحيين