للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأدب الجاهلى الصادر فى القاهرة سنة ١٩٢٧.

الشعر فى القرن الأول للهجرة:

أثرت التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المصاحبة للإسلام وكذلك حركة الفتوح فى الشعر العربى من حيث لغته ومجالاته، ففقد الهجاء سطوته وتحولت الحماسة إلى أشعار ذات طابع دينى تحث على الجهاد ومقاومة الخوارج، ونتيجة الثروة وحياة الرفاهية ظهرت قصائد الغزل المستقلة فى الحجاز -بمعنى أن الغزل لم يعد مجرد نسيب أو تشبيب ملحق بقصائد تضم أغراضا أخرى وإنما ظهرت له قصائد مستقلة- كما ظهرت قصائد جرى إعدادها خصيصا لتُغنّى. وكان الغزل على نوعين أحدهما ارتبط -على نحو خاص- بمكة وهو شعر مرح وحَضَرِى ويتسم بالصدق والواقعية وخير ممثل له عمر بن أبى ربيعة، أما النوع الثانى فارتبط بالمدينة واتسم بالحب اليائس (الحب بلا أمل) وكان ذا طابع بدوى.

وظهر نوع من الشعر الدينى السياسى على يد شيعة علىّ، كما ظهر شعر الرجز. وفى القرن الأول للهجرة أرسيت التقاليد الشعرية على يد مجموعة من الشعراء أبرزهم الأخطل وجرير والفرزدق وذو الرمة. أما الأخطل فكان خير ممثل لمنهج عمرو بن كلثوم والنابغة، وصبغت مدرسة الأخطل ومن لفّ لفّه بروح شعر ما قبل الإسلام، فقد عكف الأخطل على مدح خلفاء بنى أمية وتميزت قصائده بالروح القبلية، وكان الفرزدق فى ميدان الفخر صدى لروح أجداده الجاهليين لكن الفرزدق وكذلك جرير لم يكونا يحبان الفقر الذى تتسم به الحياة البدوية وكانت القصائد بالنسبة لهما وسيلة للثراء والنفوذ، وقد جرت بين جرير والفرزدق حوارات شعرية أساسها المفاخرة والهجاء عرفت بالنقائض، لم تبتعد روح الصحراء إذن عن شعراء هذه الفترة بل إن شاعرا مثل ذى الرمة قد تجلى فى شعره بوضوح وصف الصحراء والإقامة فيها، ومن وصف حياة البادية.

وعلى أية حال فإننا لا نقدم فروقا بين الشعر الجاهلى والشعر الأموى