للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للعباسيين والأمويين فى أسبانيا على السواء وقد نعمت إفريقية بالسلام فى القسط الأكبر من فترة حكمه وإن كان المؤرخون قد لزموا إزءاها الصمت وأبرزوا بصفة خاصة الأحداث الدامية والثورات إلى أن ظهر تهديد الخوارج الذى جعل العامين الأخيرين من فترة حكمه فترة حالكة -ومحال أن نقتفى أثر حياة القائم بإنجازاته إلا إذا تعرضنا بإيجاز لمسألة شائكة تتعلق بأسلافه- لقد قدم لنا برنارد لويس -بناء على دراسة مقارنة للمصادر الإسماعيلية وأهل السنة- تفسيرًا يتسم بالأصالة أساسه فكرة "الأبوة الروحية" ونظرية الإمام المستقر "ومستودع الإمامة" إذ ترى هذه النظرية أنه كان ثمة إمامة حقيقية بعد وفاة إسماعيل وهى تنحدر من الحسين وإمامة انحدرت بوصية من ميمون القداح، أما الأمامة الأولى فينتهى تسلسلها عند القائم، وأما الإمامة الوصية فينتهى تسلسلها عند المهدى أول خليفة فاطمى، ويدلل "ب. لويس" على أن الإمام الموصى هو وحده الأب الروحى للقائم أى الإمام المستقر الذى سلمت له الإمامة التى كان وصيًا عليها، وبذلك كان القائم هو أول خليفة فاطمى حقيقى، ويمكن تتبع النسب الفاطمى بدءًا من القائم وحتى فاطمة عبر ابنها الحسين، ورغم نقد البعض لهذه الفكرة التى قدمها لويس إلا أنها ظلت تحظى بالاهتمام ذلك لأن فكرة الاستدعاء تتطابق مع حقيقة واقعة وهى أن المذابح التى أوقعها العباسيون بكل شخص يشتم منه اعتناق الفكر الفاطمى أجبرتهم على اللجوء إلى اتباع أسلوب العمل السرئ وأن يودعوا الإمامة -فى أثناء فترة الاحتجاب أو "الستر"- فى أوصيائهم أو المستودع "أو الحجة" ولقد خلف المهدى بعد مماته -موقفًا حرجًا فى أقصى المغرب نتج عن تغير كامل ومفاجئ طرأ على موقف حاكم مكناسة موسى بن أبى العافية حيث نقل ولاءه إلى بنى أمية فى أسبانيا -لذلك جرد القائم عقب اعتلائه عرش الخلافة- حملة لاستعادة سلطته فى مراكش واستئصال شأفة نفوذ خصمه الناصر الأموى، وقد عبر الجيش الفاطمى بقيادة ميسور الخادم، المغرب دفعة واحدة ووصل مدينة فاس وفى