للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرآن فى عهد عثمان بن عفان رضى اللَّه عنه أن مصحف عثمان المجموع قد ظهر فى النصف الثانى من حكمه أى بعد حوالى عشرين سنة من وفاة الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، وكان ذلك بسبب الخلاف بين القوى الإسلامية فى الشام والعراق حول الطريقة الصحيحة لقراءة القرآن فى الصلوات الجهرية أثناء حملة إلى أرمينيا وأذربيجان، فقد كتب قائد الحملة حُذيفة بن اليمان بهذه المشكلة إلى الخليفة عثمان رضى اللَّه عنه طالبا منه أن يحول بين الناس وبين الاختلاف فى القرآن، فطلب عثمان صحف القرآن من حفصة وجمع زيد ابن ثابت ومعه ثلاثة آخرين من حفاظ مكة وطلب منهم نسخ القرآن بلهجة قريش فلما انتهى النسخ احتفظ عثمان رضى اللَّه عنه بنسخة فى المدينة (المنورة) وأرسل نسخة لكل من الكوفة والبصرة ودمشق، كما أرسل نسخة -وفقا لبعض الروايات- إلى مكة المكرمة مع تعليمات بإتلاف كل ما عدا نسخته هذه، وبالفعل تم تنفيذ تعليماته إلا فى الكوفة إذ رفض ابن مسعود وأتباعه تنفيذ ذلك. والروايات مختلفة على أية حال فى عدد من حددهم عثمان رضى اللَّه عنه لنسخ القرآن كما أنها مختلفة فى المدن التى أرسل إليها عثمان مصحفه.

وهذه الرواية الثانية عن جمع القرآن (فى عهد عثمان) تثير كالرواية الأولى (جمع القرآن فى عهد أبى بكر) بعض الخلافات التاريخية. ويقبل الدارسون الغربيون الآن ما يقول به شفالى (فى كتابه عن تاريخ القرآن الآنف ذكره ص ٥٧ - ٦٢) وغيره من أن القرآن ليس بلهجة قريش (سنتناول هذا الموضوع فيما بعد) وإذا كان الأمر كذلك انهارت إحدى ركائز الرواية


= (تأسيس) أسبقية على المصاحف التى جمعها الخليفتان اللذان سبقاه. وبالإضافة لهذه الأهداف -فيما يقول المؤلف- فإن الهدف الجوهرى لهذه الرواية هو إثبات أن القرآن الكريم قد تم جمعه فى غضون فترة يسيرة بعد وفاة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، وأن هذا الجمع كان أساسا لما عُرف بعد ذلك بمصحف عثمان، وكل مذا يقصد إثبات أن القرآن الكريم لم يضع منه شئ ولم يتعرض لتغيير أو تزييف، وبطبيعة الحال فإن المسلمين يرفضون مثل هذه الأقوال، ومن المستشرقين الذين رددوا ذلك: نولدكه فى كتابة تاريخ القرآن Gresch des Qor جـ ٣ ص ١١ - ٢٧ وبلاشير Blachere فى كتابه مقدمة عن القرآن، وبل وات Bell - Watt وبيرتون. (المترجم)