للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَالِّينَ} أن النص القرآنى لم يكن ثابتا على أيامه (١).

ومعظم ما تردده المصادر متعلق بالاختلاف فى القراءات ونقصد بذلك الخلافات بين ما يسمى مصحف ابن مسعود الذى كان شائعا فى الكوفة ومصحف أبىّ الذى كان شائعا فى الشام ومصحف أبى موسى الذى كان شائعا فى البصرة، ويقال إن هذه القراءات أو المصاحف بدأت بالفعل زمن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، فعبد اللَّه بن مسعود (توفى حوالى سنة ٣٣ هـ/ ٦٥٣ م) الذى كان رفيقا لرسول اللَّه [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى حله وترحاله والذى كان من أوائل من فسروا القرآن الكريم يقال إنه سمع سبعين سورة -مباشرة- من النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وكان من أوائل من دخلوا فى الإسلام ومن العشرة المبشرين بالجنة وكان من كتاب الوحى وكان إماما فى الفقه والحديث وقد ولى -بعد وفاة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بيت مال الكوفة ثم قدم المدينة فى خلافة عثمان بن عفان وتوفى فيها- وقد رفض عبد اللَّه بن مسعود هذا تنفيذ أوامر عثمان بن عفان رضى اللَّه عنه بإتلاف مصحفه (نسخته القرآنية) كما رفض التعليم وفقا لمقتضاها، وذكرت الروايات أيضًا أن عددا كبيرا من مسلمى الكوفة ظلوا يتبعون القراءة وفقا لهذه النسخة (نسخة ابن مسعود) لفترة حتى بعد موته مما أدى إلى انقسام المجتمع هناك (٢).


(١) عاش الطبرى فى أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع للهجرة، حيث كانت المناقشات مستمرة حول القراءات وليس حول متن القرآن ونصه فهذا أمر مؤثل ومتواتر منذ أيام الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-]، وقد اتخذت المنافسات بين المراكز الحضرية الإسلامية. الكوفة، البصرة، دمشق، مكة، المدينة وكذلك القوى السياسية المختلفة بالإضافة لتعدد لهجات القبائل من هذا الميدان مجالا للمنافسة وإثبات الذات مما دفع بالعالم أبو بكر ابن مجاهد (توفى ٣٢٤ هـ) إلى المطالبة باعتماد قراءات سبع فقط هى التى نسمعها اليوم ولا نجد أنها تغير المعنى وبالتالى ليست تغييرا فى النص القرآنى، وقد ذهب المؤلف نفسه هذا المذهب عند حديثه عن مجاهد والقراءات، وانظر أيضًا ما نقله المترجم عن بعض المراجع العربية كملحق لهذا البحث. (المترجم)
(٢) يستخدم المؤلف أحيانا كلمة kurauic text أى النص القرآنى مما قد يفهم منه أن هناك نصا كاملا مستقلا عند ابن مسعود مختلفًا عن نص كامل آخر هو مصحف عثمان، وهذا غير صحيح كما لا يخفى على القارئ وإنما المقصود خلافات إملائية أو خلافات فى الوقف أو فى طريقة القراءة، وسيجد القارئ فى ثنايا هذا البحث ما يفيد أن المستشرقين انتهوا إلى أن هذه الخلافات غير ذات جدوى ولا يمكن باستغلالها تكوين نص قرآنى جديد وهو الأمر الذى حاولوه فعلًا فوجدوه ضربا من العبث -انظر ما ذكره المؤلف فى هذا الصدد بعد حديثه عن مصحف أبى. (المترجم)