للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذه الكلمة العربية والكلمة العبرية هقِّش Hikhish ومصدرها هقش بتشديد القاف أيضا مع تخفيف الكسر، والجذر الآرامى ن - ق - ش -يعنى الفَرْز أو مقارنة شيئين معًا (١).

وقد اتسع معنى القياس فأصبح يشتمل على النظر والبحث عن الدليل فى حكم مسألة عرضت لم يرد فيها نص، وأصبح يطلق على الاجتهاد فيما ليس فيه نص بل ظل مفهوم القياس يتسع حتى أصبح مرادفا للرأى ويعنون بذلك أن الفقيه أو القاضى إذا عرضت له مشكلة أو قضية ليس فيها نص من القرآن الكريم أو حديث شريف (وهما المصدران الأساسيان للتشريع) فإنه يصل فيها إلى رأى، متأثرًا فى ذلك بجو الشريعة، ولطول مرانه، واستطاعته أن يقيس الأمور ببعضها قياسًا واضحًا يماثل بين القضايا المتشابهة أو المتماثلة، لذا فقد ذم الفقهاء الرأى الذى يصدر عن شخص ليس أهلًا للاجتهاد.

ولقد بدأت ممارسة القياس الشرعى، منذ وقت مبكر. ومنذ مطلع القرن الثانى الهجرى، افتتح تطبيقه حماد بن سليمان بن ربيعة، معلم أبى حنيفة وابن أبى ليلى، وقاضى البصرة. ولكن أول من طبقه بانتظام كان الإمام أبو حنيفة (توفى ١٥٠ هـ/٧٦٧ م)، ولهذا السبب عرفت مدرسته بمدرسة أصحاب الرأى لتمييزهم عن مدرسة أصحاب الحديث، ولم يتقبل أصحاب الحديث القياس إلا كملاذ أخير، وفى رأيهم أن "الاستدلال مثل الجيفة، لا تؤكل إلا حين لا يكون هنالك طعام غيرها". ولقد رفض الحنابلة والشيعة القياس، لكن مدارس التشريع الأخرى أخذت به وبخاصة المذهب الحنفى.

وفى رسالته عن أصول التشريع، يمدنا الشافعى بالطور الأول فى تصنيف نظرية القياس. ولقد رسخ الشافعى بدقة دور القرآن والحديث فى التشريع، أما عن الإجماع، فقد حدد


(١) هذا التشابه اللفض بين كلمات تنتمى إلى مجموعة اللغات السامية لا يعنى أن إحدى اللغتين أخذت من الأخرى بقدر ما يعنى أنها جميعا من المشترك السامى، فكلمة قياس كلمة عربية أصيلة، ففى لسان العرب مثلا: قاس الشئ يقيسه قيسا وقياسا واقتاسه وقيسه إذا قدره على مثاله. (المراجع).