للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كثيرة صحيحة تؤكد ذلك. وعذاب القبر ذكر فى غالبية كتب الفقه المعتمدة، لكن الأشاعرة يتهمون المعتزلة بإنكاره. لكن عبد الجبار، على العكس يؤكده فى كتابه "شرح الأصول الخمسة". ويرى المؤمنون بعذاب القبر، أنه بعد هذا العذاب يموت الإنسان للمرة الثانية حتى يوم البعث. كذلك يؤمن هؤلاء بأن الأنبياء والشهداء الذين ماتوا مجاهدين فى سبيل اللَّه وقاتلوا وقتلوا معفون من عذاب القبر.

(ب) رأى الفلاسفة فى عذاب القبر:

لا يقبل الفلاسفة عموما مسألة عذاب القبر إلا قبولا مجازيا. فهم يرون، وفى مقدمتهم ابن سينا، أن عذاب الروح مخالف لعذاب الجسد وهو يكون بحرمان لحاقها بعالم الملائكة الأعلى حيث توجد السعادة الكاملة والرونق الكامل البهاء. والفيلسوف أبو يوسف يعقوب الكندى هو الوحيد من الفلاسفة الذى أقر ببعث الجسد فى القبر وإمكانية تعذيبه، وأقر بذلك كل الشواهد القرآنية فى هذا الخصوص. ولقد أقر الغزالى فى كتابه "تهافت الفلاسفة" أمر بعث الجسد فى القبر ولام على الفلاسفة إنكار ذلك فى كتابه وإنكار تعاليم القرآن الكريم بصدد البعث.

(جـ) الردود والهجوم على تفسير المتكلمين:

لقد كان "علم الكلام" مؤخرًا يهتم بالحكم على الفلاسفة أكثر بواسطة موقفهم من الأحكام الخفية لابن سينا عن مدى احترامهم للتشريع الدينى. وعندما يورد الجرجانى قائمة بالاتجاهات المختلفة التى طُبقت أو كان من الممكن تطبيقها، فهو يبدو أنه يماثل الفلاسفة الذين يتقبلون فقط "الرجوع"، فى المعنى الموجود فى اعتقاد أرسطو الكاذب. بينما يرى المحققون "مثل الحليمى أو الغزالى، صاحب المعاد"، أن البعث يكون بالجسد والروح. ففى هذا المجال دار علم الكلام ليثبت حقيقة العودة والحشر ودراسة ظروفهما. ولا نستطيع أن نتتبع بالتفصيل كل سلسلة نقاشهم فى هذا الموضوع ولكن لنا بعض التعليقات بخصوصها وهى:

١ - من باب الفضول فحسب، يعلن فخر الدين الرازى (المحصل، ص ١٧٠)