للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأحزاب، الآية ٢١؛ سورة النجم، الآية ٣) وإن كان قد نص عليه صراحة فى الحديث. وصيغ الجزء الأكبر من نتائج هذه الأفعال والأقوال فى شكل أحاديث نسبت إلى النبى [- صلى الله عليه وسلم -]. وهذه الزيادة العظيمة فى مادة الحديث، التى جاءت أيضًا من مصادر أخرى، أدخلت فى الشريعة الإسلامية عناصر جديدة متعددة، وبخاصة العناصر التى ترجع إلى أصل إسرائيلى. وكان من أثر هذا أن أصبح للفقه الإسلامى بعض خصائص معينة، منها: اعتباره مفسرًا وموضحًا للفرائض المجملة التى فرضها الله، وجاءت على لسان الرسول [- صلى الله عليه وسلم -]، وإنكار إمكان التطور أو وضع التشريع بعد وفاة النبى، وهذا يباين التطور التاريخى واعتبار سنة النبى بعد الكتاب مباشرة فى المنزلة، لا فى القوة؛ وتخلصوا من المتناقضات التى ظهرت بالطبع فى الحديث أكثر من ظهورها فى القرآن بنفس الوسيلة التى اتبعوها فى التخلص من المتناقضات التى وردت فى القرآن، وكذلك بواسطة نقد الإسناد ومن المهم أن نلاحظ أنهم اخفوا نقدهم لمادة الحديث وراء نقدهم للإسناد نفسه (١)، أما القانون العرفى الذى أصبح له صبغة


(١) يلاحظ أول الأمر أن الكاتب يحيل على مادة "إسناد"؛ وليس فى هذه المادة شئ عن نقد الإسناد مطلقًا- انظر الترجمة العربية للدائرة مجلد ٣ ص ٩٤ لكنما يوجد فى مادة "حديث" مجلد ص ٢٠٠ وما بعدها من النسخة الألمانية كلام عن نقد السند، وتلك ملاحظة ليست كبيرة الأهمية، لكننا أشرنا إليها بيانا للحقيقة ولنوفر على القارئ الرجوع إلى ما أشار إليه الكاتب فى مادة "إسناد".
وبعد فمسالة نقد المتن قد دار حولها القول عند الغربيين؛ وجاز ذلك إلينا، فجرى على أسلات أقلام شرقية ولم يصب ما يلزمه من دقيق الملاحطة، ومن أجل ذلك نرى أن نوسع القول فى تلك المسألة بعض الشئ.
ولعل أسبق من قصدى للإفاضة فى هذا الأميركايتانى Caetani فى كتابه "الحوليات الاسلامية Annali dell' Islam إذ عقد فى الجزء الأول منه فصلا عنوانه "ملاحظات نقدية عن القيمة التاريخية لأقدم ما روى من السنة عن شئون الرسول [- صلى الله عليه وسلم -]؛ وفيه عرض للسنة سندها ومتنها بما عرض له؛ وكان مما جاء فى نقد المتن قوله فى آخر فقرة (١٥) عمن بعد الصدر الأول من المحدثين ما ترجمته " ... كل قصد المحدثين ينحصر ويتركز فى واد جدب ممحل من سرد الأشخاص الذين نقلوا المروى؛ ولا يشغل أحد نفسه بنقد العبارة والمتن نفسه ". كما يقول فى فقرة (١٦) " .. لكن إذا كان الإسناد كامل النظام محتويا أسماء حسنة، استبعد كل اشتباه وسوء ظن" وفى فقرة ١٨ يقول: "سبق أن قلنا إن المحدثين والنقاد المسلمين لا بحسرون على الاندفاع فى التحليل النقدى للسنة إلى ما وراء الإسناد، بل يمتنعون عن كل نقد للنص، إذ يرونه احتقارا لمشهورى الصحابة وقحة ثقيلة الخطر على الكيان الإسلامى"، " ... إذا كان الإسناد من الصحابى فى النهاية حتى مؤلف المجموع الحديثى (بخارى أو مسلم مثلا) كان الأساس قويا، وصار نص السنة قسما من الوحى