للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٥) وكذلك ليس من الأضداد الكلمات التى تستعمل فى أحيان معينة اهتزاءً أو تهكمًا، مثل يا عاقل للمجنون، أو تفاؤلا، ملو يا سالم للمريض. لأن استعمال هاتين الاستعارتين موقوف على اختيار المتكلم.

(٦) ويظهر التعسف والافتعال على أشدهما آخر الأمر فى إدخال العرب فى باب الأضداد كلمات ملو"تَلْعة" التى معناها المسيل من الماء والمرتفع من الأرض، لأن الماء يهبط والأرض ترتفع.

ومعظم الشواهد التى أوردها ابن الأنبارى تنطبق عليها واحدة أو أكثر من الملاحظات التى مرت بنا، ولذلك يجب ألا تعد من الأضداد، وهكذا لا يبقى من الأضداد بعد هذا إلا القليل.

وقد حاول العرب أنفسهم تفسير هذه الظواهر، إلا أن تفسير، واحد، يستحق منا الاهتمام، وهو التفسير الذى يريدنا على أن نرجع لأصل الكلمة الذى يؤخذ الضدان منه (ابن الأنبارى: كتابه المذكور، ص ٥، س ٢٠ وما بعده؛ المزهر، جـ ١، ص ١٩٣).

أما التفسيرات الأخرى فتعلل المعانى الموجودة بالفعل، وترى أن الأضداد عبارة عن معان مستعارة من ناحية أصول الكلمات بعضها من بعض (ابن الأنبارى: كتابه المذكور، ص ٧؛ المزهر: جـ ١، ص ١٩٤ س ٤). أو تحاول إيجاد صلة، سقيمة فى كثير من الأحيان، بين المعانى، فالعرب يقولون -مثلا- إن "بعض" تأتى بمعنى كل، لأن كل الشئ ما هو إلا بعض من شى، آخر (ابن الأنبارى: كتابه المذكور، ص ٦).

وقد بذل آبل (Uber den Ge-: C.Abel gensinn der Urworte. ليبسك سنة ١٨٨٤؛ وأعيد طبع هذا البحث فيما نشره بعنوان Sprachwissenchaftlichen Abhandlungen . ليبسك سنة ١٨٨٥) محاولة للوصول إلى تفسير لظاهرة الأضداد اللغوية بصفة عامة مبتدئًا بنظرة واحدة فحسب. وفى رأيه أن الكلمات التى استخدمها الأولون لم تكن تعابير عن أفكار معينة غامضة، ولكنها كانت أقرب إلى وصف صلة متبادلة بين متضادين، مثال ذلك أن فكرة