للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإمبراطورية العثمانية ثراء بالأحداث والتى تتفق والنصف الثانى من حكم "أحمد الثالث" (١٧٠٣ - ١٧٣٠ م)، أو بمعنى أدق، الثلاث عشرة سنة لوزارة "إبراهيم باشا" وزهرة التيوليب الذى خلع اسمها على هذا العصر جرى تصديره من تركيا إلى النمسا عن طريق "وجير جيسلان" Ogier Ghislain سفير "فرديناند الأول" من الهابسبورج (١٥٠٣ - ١٥٦٤ م) فى بلاط السلطان ولكن هذه الزهرة تطورت زراعتها فى هولندا بجهود عالم النبات شارلز دى ليكلوز Chanles de L'echuse، الذى كان يشغل كرسى علم النبات فى جامعة ليدن- وانتشرت الرغبة من أجل الحصول على هذه الزهرة سريعا فى أوروبا، ولكن الهوس بها اتخذ أكثر الأشكال فى تركيا. فقد أصبحت هذه الزهرة موضع حماس شديد ولهفة، بعد أن استوردها مرة أخرى من هولندا إلى تركيا فى القرن السابع عشر السفير النمساوى "شميد زوم شفا رزينهورن" Schmid zum Schwarzenhorn فى عصر أحمد الثالث. وتولد عن شكل (طراز) التيوليب فن للعمارة، أصدق مثال له "مسجد لالى" جامع الرائع فى استانبول؛ أما بالنسبة للفن فقد تولد عنه "فن الباروك" العثمانى، المستوحى من "الروكوكو" الفرنسى؛ ويمثل الشاعر "نديم" النمودج المتأثر بجمال التيوليب فيما يتعلق بالجانب الأدبى.

وقد تعهد هذا الطراز وروّج له الصدر الأعظم إبراهيم باشا -من "ينفشهر" زوج ابنة السلطان فعندما وصل إلى السلطة فى بداية عام ١٧١٨ م، أبدى مهارة دبلوماسية عظيمة أنهت حالة الحرب المستمرة التى قوضت البنية الاقتصادية للإمبراطورية، ودمرت مناطقها الريفية. وبعد المعاهدة، كرس الصدر الأعظم نفسه لهدف السلام، بسبب الحملات المظفرة فى إيران، التى كانت حينئذ فى حالة من الفوضى بسبب غزو الأفغان. وقد كان أحمد الثالث لطيفا ومحبا للسلام بطبعه، ولكنه كان يميل بقوة إلى المتعة وقد كان رجلًا مثقفًا وشاعرًا، وخطاطًا، كما كان نهمًا بشكل مفرط. وكان إبراهيم باشا مهذبًا ومثقفًا، وشخصية منبسطة ومحبًا للسلام والسرور، وهكذا، ومع هذه الأذواق