للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثيولوجية اللاحقة من جانب، وبين النتائج التى تتوصل إليها البحوث التاريخية والاجتماعية من جانب آخر.

فالمعتقد الإسلامى مثلا هو أن محمدًا "آخر وأعظم الأنبياء" وهو اعتقاد من الراجح أنه يقوم على تفسير لاحق لتعبير "خاتم النبيين" الذى وصفت النبى به الآية ٤٠ من سورة الأحزاب. كذلك فإنه ينظر إليه لا باعتباره "مؤسسا" بل مصدقا ومعيدا لبناء صرح عقيدة التوحيد القديمة الحقة التى نادى بها النبى إبراهيم. [عليه السلام] وليس من المستغرب أن نجد المؤرخين ينظرون إلى بدء ورود هذه الأفكار فى القرآن خلال السنوات الأولى بعد الهجرة باعتباره بداية لنشأة جماعة دينية جديدة. ويبدو أن معارضة يهود المدينة له كان لها -بالأخص- تأثير كبير فى وضوح صورة الإسلام كدين متميز. ففى تلك المرحلة بالذات، ونتيجة لرفض اليهود الإيمان به، أضحى للجماعة الإسلامية الناشئة طابع خاص واضح. وقد حدث تغير حاسم فى مجرى الإسلام فى السنة الثانية للهجرة (يوليو ٦٢٣ - يونيو ٦٢٤ م). وكانت بداية هذا التغير "تحويل قبلة الصلاة" من القدس إلى الكعبة فى مكة، وهو ما تحدث عنه القرآن الكريم فى الآيات ١٤٢ - ١٤٥ من سورة البقرة: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٤٣) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٤٤) وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ