للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٣٢. وكان على محمد أن يعيد الشعائر القديمة إلى أصلها من التوحيد بعد أن أفسدها المشركون. وليس بوسعنا أن نقطع بصدد ما إذا كان اعتبار إبراهيم أول الموحدين فكرة حين اختلف محمد مع يهود المدينة، أو أنها كانت قائمة بالفعل بين اليهود المستعربين مثلًا. وتقول الآية ٦٥ من سورة آل عمران إن أهل الكتاب عارضوا الفكرة {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.

وبينما كانت هذه التطورات المهمة تجرى فى شعائر الإسلام، كان مركز محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] الشخصى يتغير تدريجيًا بتغير الظروف. وقد ذكر دستور المدينة الذى أشرنا إليه أن كافة الأمور المهمة ينبغى أن يرجع فيها إلى اللَّه ورسوله. فأصبح الآن لزاما على المؤمنين إطاعة اللَّه والرسول، {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} سورة آل عمران آية

١٣٢, {. . . وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٣) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} سورة النساء ١٣ و ١٤، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ. .} سورة النساء آية ٥٩. كذلك أصبح الآن لزامًا عليهم جنبًا إلى جنب مع الإيمان باللَّه "الإيمان" بالرسول، {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} سورة الفتح آية ٩، {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا. . .} سورة التغابن آية ٨. واللَّه هو مولى النبى، وكذا جبريل، والملائكة تؤازره {. . . وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} سورة التحريم آية ٤.

وقد فرض اعتبار مكة مركز الدين على محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] مهمة جديدة لاشك أنه توقعها. فما دامت زيارة الأماكن المقدسة فى مكة وما حولها واجبًا على المسلمين الذين رفض أهل مكة السماح لهم بدخولها، فقد أضحى محتما البحث عن