للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السياسية العظيمة. فقد أبرم تحالفات مع عدد من قبائل البدو تلزم كلا من الطرفين بمساعدة الطرف الثانى.

وفى العام الثالث الهجرى (٦٢٤ - ٦٣٥ م) واصل محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] هجومه على قوافل مكة مما رأت قريش معه فى النهاية ضرورة اتخاذ إجراءات أقوى والثأر لأنفسهم من هزيمة بدر. لذلك أعدت جيشا قيل إنه من ثلاثة آلاف رجل خرج فى مظاهرة كبيرة قاصدا المدينة بقيادة أبى سفيان الذى كان واضحًا أنه بات أبرز زعماء مكة بعد وفاة أبى جهل. ورغم أن عددًا من أصحاب محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] نصحوه بأن يقيم دفاعه داخل حدود المدينة، فقد قرر الخروج بقواته التى نقص عدد أفرادها بدرجة كبيرة، وفى اللحظة الأخيرة حين انسلخ عنها المنافقون، والتى استقرت عند سفح تل أُحد. وقد كان النصر فى البداية حليف المسلمين رغم التفوق العددى لجيش مكة، بيد أنه ما إن ترك عدد من الرماة المسلمين الذين كانوا يحمون جناح جيشهم مكانهم على التل -مخالفين بذلك أمرًا مشددًا من محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لمطاردة بعض مقاتلى مكة، بدوا وكأنهم يتقهقرون، حتى تمكن خالد بن الوليد، ذلك الاستراتيجى العسكرى الحاذق، من أن يحتل موقعا ممتازا عند سفح أحد، عندئذ انقلبت الأوضاع، وشروع الكثير من المسلمين فى الهرب خاصة حين انتشرت إشاعة مقتل النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ. . .}، سورة آل عمران آية ١٤٤. والحقيقة أنه جرح فحسب واستطاع النجاة مع عدد من أتباعه المخلصين عن طريق وادٍ عند السفح الجنوبى للتل. كان من حسن حظه أن المكيين لم يصلوا نصرهم بمطاردة المنهزمين، إذ اعتقدوا أنهم عاقبوا محمدا [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بما فيه الكفاية وأنقذوا سمعتهم، فانصرفوا عائدين سريعا إلى مكة. وهكذا نجا النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] من مصير رهيب، وإن كان قد فجع فى كثير من أصحابه الذين قتلوا فى المعركة، ومن بينهم عمه حمزة، وقد حاول بكل ما أوتى من فصاحة أن يرفع من معنويات أتباعه سواء بالنصح أو بالتقريع، وقد نزلت فى هذه