للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المناسبة: الآيات ١١٨ و ١٢٠ - ١٢٢ من سورة آل عمران وكذلك الآيات ١٣٩ - ١٥٤ من السورة ذاتها.

وقد نجح محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى أن يحول دون وقوع عواقب سلبية فى المدينة لهزيمة أحد. غير أن بعض يهود المدينة الذين لم يشتركوا فى القتال لم يخفوا فرحهم بما أصاب محمدا. لذلك كان من الضرورى أن يجعل منهم عبرة للآخرين، ووجد قبيلة يهودية ثانية بالمدينة، هى بنو النضير، هدفا مناسبا، إذ أقدموا على تصرف بررّ ما صنعه بهم. ورغم أن الروايات تنسب إليهم ارتكاب جرائم مختلفة، فإنه من الصعب أن نحدد بالضبط ما اقترفوه. فالآية ٤ من سورة الحشر تكتفى باتهامهم بأنهم {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وقد اضطروا بعد حصار عدة أسابيع إلى الهجرة من المدينة إلى خيبر وغيرها من المستوطنات اليهودية فى الشمال، مخلفين وراءهم أسلحتهم وذهبهم وفضتهم غنيمة وفيرة، احتفظ بها النبى (*) فى هذه المناسبة لنفسه ولم يوزعها، {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٧) لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} سورة الحشر الآيات ٦ - ٨.

وبينما كان محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] يحاول استعادة سلطته التى أضعفتها هزيمة أحد، دهمه ودهم المدينة خطر جديد مصدره مكة. فقد أدركت قريش التى


(*) حسبما يتضح من سياق الآيات الكريمة ٦ - ٨ من سورة الحشر والتى أوردها المستشرق ذاته فإن النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لم يحتفظ بعلك الغنائم لنفسه وإنما وزعت حسب الأمر الإلهى الوارد فى الآيات. [التحرير]