للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان لا يزال يهاجم قوافلها والتى كان يهود خيبر يستحثونها أن نصر أحد لم يضعف مركز محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بالقدر الكافى، وأدركت ضرورة احتلالها للمدينة، وهو ما كان ينبغى عليها القيام به فور انتصارهم فى أحد. وقد أدى شعورهم بضعف كفاءتهم الحربية وهم التجار قليلو الخبرة بالقتال، إلى الجد فى التفاوض مع قبائل شتى من البدو، مما مكنهم من حشد جيش كبير قيل إنه كان مؤلفا من عشرة آلاف مقاتل. وساروا عام ٥ هـ/ ٦٢٦ - ٦٢٧ إلى المدينة. وقد تعددت الروايات عن الفصل الذى حدثت خلاله الغزوة، إذ يقول بعضها إنها كانت بعد شهر من جمع محصول الشعير، بينما يتحدث البعض عن أن الجو وقتها كان شتويا باردا عاصفا. والقول الثانى تؤيده قصيدة لحسان بن ثابت والآية التاسعة من سورة الأحزاب: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا. .}. ويمكن التوفيق بين هاتين الروايتين بالقول باحتمال أن يكون الحصار قد استمر زمنا طويلا.

وقد أثار زحف هذا الجيش الهائل وجلا عظيما فى المدينة، زاد منه موقف المنافقين المتذبذب، واكتشاف تآمر بين اليهود والعدو، أو ربما كان مجرد شك {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (١١) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (١٢) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} الأحزاب ١٠ - ١٣. {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} الأحزاب الآيات ٢٦ و ٢٧.

ولكى يقوى محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] من دفاعه