للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها، إحدى نقاط التحول الرئيسية فى حياة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] فى نشأة الأمة الإسلامية فنحن نعلم أنه بعد نحو ستة أشهر من وصوله إلى المدينة أرسل أول جماعة مغيرة مسلمة بقيادة عمه حمزة لمهاجمة قافلة مكية. وقد واصل منذ ذلك الحين مهاجمة القوافل المكية حتى حدثت غزوة الخندق وحتى استأصل بنى قريطة فتوقفت هذه الهجمات ووجه النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] اهتمامه إلى الشمال. وقد قاد النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بنفسه غزوتين من تلك الغزوات فى الشمال، إحداهما ضد بنى لحيان فى بداية العام السادس الهجرى (منتصف ٦٢٧ م) وانتهت دون أى قتال والأخرى وهى الأشهر -ضد بنى المصطلق، وقد حدثت فى طريق العودة منها القصة المشهورة عن عائشة وحديث الإفك الذى هدد بقاءها زوجة للنبى لولا الآيات القرآنية التى برأتها: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} سورة النور آية ٤؛ {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} سورة النور آية (١١) والأهم من ذلك فيما يتعلق ببدايات تاريخ الإسلام، هو أن قصة عائشة هذه تسببت فى نشوء صراع خطير فى صفوف المهاجرين البارزين كما تسببت فى صراع بين المهاجرين والأنصار استمر حتى ما بعد وفاة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-]. وقد يفسر لنا هذا الهرج السياسى عقب غزوة بنى المصطلق حقيقة أن هذه الغزوة المهمة التى قادها محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] تختلف المصادر فيما بينها اختلافا كبيرا حول تاريخها فابن هشام يؤكد أن هذه الغزوة حدثت فى الشهر الثامن (شعبان) من العام السادس الهجرى بعد غزوة ذى قرد (المسماة أيضا بغزوة الغابة)، التى يذكر عادة أنها الغزوة التاسعة عشرة التى يقودها النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] بنفسه، فى حين ينقل ابن سعد عن الواقدى أن غزوة بنى المصطلق حدثت فى شعبان من العام الخامس الهجرى بعد غزوة دومة الجندل التى يذكر عادة أنها غزوة محمد [-صلى اللَّه عليه وسلم-] الخامسة عشرة. وهذا الاختلاف يثبت صعوبة أو استحالة