للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[المرابطون]

[١ - أصلهم وتاريخهم فى الشمال الإفريقى]

حدث فى النصف الأول من القرن الخامس الهجرى (= الحادى عشر الميلادى) أن شيخًا ورعًا من أهل جدالة الذين أقاموا نواحى "الساقية الحمراء" و"توارزا" بموريتانيا، حج إلى مكة وكان يعرف بالجوهر بن سكوم وفى طريق عودته التقى فى القيروان بمدرس الفقه المالكى أبى عمران الغفجومى الفاسى الذى نصح الفقيه بزيارة "وجَّاج بن زَلوى اللَّمْتى" الذى كانت داره "دار المرابطين" فى "سوس" المراكشية، فزاره فأعجب وجاج من الجوهر، ورغبته القوية فى تفقيه قبيلته بالفقه المالكى، كما رأى وجاج فيه حليفًا عسكريًا قويًا وبعث به جنوبا إلى الصحراء وفى صحبته أكبر تلاميذه "عبد اللَّه بن ياسين الجزولى" الذى درس فى قرطبة سبع سنوات.

أقام عبد اللَّه بن ياسين بعض الوقت بين "الجداليين"، ويبدو أنه قد توثقت المعرفة بينه وبين عائلات "لمتونة" البرفيعة الذين كان بينهم وبين "جدالة" وشيجة نسب رغم ما كان بين الجماعتين من منازعات قبلية كثيرة، والذين كانوا يتمركزون جغرافيا فى القسم الجنوبى من "أدرار" موريتانيا وفى "تَجانِت" وكان عبد اللَّه بن ياسين مالكيا مغاليًا فى مالكيته، وراح يطبق العقوبات الشرعية تطبيقا شديدا حتى لقد أفتى بجواز قتل الجوهر بن سَكّوم الذى كان أول من صحبه فى هذه الصحراء، ويصف كل من القاضى عياض والبكرى النظام القاسى الذى فُرض على هؤلاء المرابطين الذين دخلوا فى "رباط" ابن ياسين، ويقرّر القاضى عياض فى كتابه المدارك (٤/ ٧٨١) أن الجميع كانوا يطيعونه ويطيعون العقيدة التى يتبعها والتى يسير أموره هناك بمقتضاها، وأنه دوّن لهم قراراته فحفظوها عن ظهر قلب وعرفوها أحسن معرفة، وأنهم حفظوا فتاويه وردودها (على الأسئلة الفقهية)، ولازموه على الدوام وجعلهم مقيمين للصلوات وعاقب المقصّر فى أدائها فكان يجلده عشر جلدات عن كل ركعة فاتته لم يؤدّها فلم يغادروه أبدًا.

هذه الإجراءات التنظيمية جعلت من الضرورى أن يعود عبد اللَّه بن ياسين ليشاور شيخة وجّاج بن زاوى، كما