للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا ولم يُذكر عذاب القبر فى القرآن صراحة، فإن كان الإيحاء به يستقى من بعض الآيات مثل {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} (محمد، ٢٧).

ويتردد ذكر عذاب القبر فى الأحاديث، دون ذكر للملائكة، بل يذكر فقعا سبب وقوع ذلك، كارتكاب ذنوب معينة أو ولولة الأحياء من أقارب المتوفى [إذا لم يكن نهاهم عن ذلك قبل موته].

ولم يرد اسم منكر ونكير فى القرآن، ولم يُذكر فى الصحيح من كتب الحديث المعتمدة سوى مرة واحدة (الترمذى، باب الجنائز). ولكن يرد فى بعض الكتب الأخرى ذكر لملاك يتولى سؤال المتوفى وتعذيبه (مسلم، أبو داود).

وعلى ذلك فأحاديث عذاب القبر تمر بأربع مراحل: الأولى دون ذكر لملائكة، والثانية تذكر ملاكًا واحدًا، والثالثة ملاكين، والرابعة تصرح باسميهما؛ منكر ونكير.

وقد ورد فى كتاب الفقه الأكبر الأول الذى يرجع للنصف الثانى من القرن الثانى عذاب القبر مجردًا أما فى وصية أبى حنيفة التى تعود لنفس الفترة فقد ورد فيها ما يفيد التصديق بعذاب القبر ومنكر ونكير.

وفى كتاب الفقه الأكبر الثانى الذى يمثل العقيدة فى النصف الثانى من الثالث ورد نفس الموضوع بدرجة أكثر تفضيلًا وكذلك اتحاد الجسم مع الروح فى القبر كحقيقة ونجد نفس الصورة عن عذاب القبر وسؤال منكر ونكير فى المراحل المتأخرة أيضًا.

هذا وتعتبر طائفة الكرامية هذين هما اللذان يصاحبان الإنسان حال حياته. أما الغزالى فيقر مسألة الحساب على أساس أنها تتم فى "الملكوت" وليس معروفًا أصل الأسمين، ولكن فكرة عذاب القبر موجودة فى عقائد أخرى، منها اليهودية.

[المصادر]

(١) Wensinck: Handbook of early Muh. tradition