للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القضائى، أدى كل هذا إلى خلق فئة منافسة من القادة الدينيين. وعلى الرغم من أن الأفراد من عائلات "الفقهاء" القدامى كانت فرصتهم أكبر للإفادة من الدراسة فى الأزهر، والدخول فى السلك الوظيفى الرسمى إلا أن التنافر ظل قائما بصورة أساسية بين "الفقهاء" و"العلماء" الذين تدعمهم الحكومة، والذين كان يلقبهم المهدى بعلماء السوء.

٣ - وكان تطور الأحداث فى العقدين السابقين على ظهور المهدية قد زاد من توتر العلاقة بين تركيا وسكان السودان المصرى كما أدى استبداد الخديو اسماعيل الشديد (١٨٦٣ - ١٨٧٩ م) زيادة الشعور بسلطان الحكومة بعد أن كانوا قد بدأوا ينعمون بنوع من اللين النسبى فى السنوات الأخيرة من حكم محمد على باشا وخلفائه كما تم ضم سلطنة دارفور سنة ١٨٧٤ م ومنذ أواسط القرن اقتحم التجار الباحثون عن العاج والرقيق مناطق كانت مجهولة وبلغوا النيل الأبيض وبحر الغزال، أى خارج شمال السودان المسلم والمستعرب، وبعيدا تماما عن رقابة الموظفين الأتراك - المصريين. ولما كانت تجارة الرقيق التى تغذيها هذه المناطق تعدو وصمة عار فى نظر أوربا، كان الهدف الرئيسى للخديو أن يخضع جنوب وغرب السودان لأدارته، وبالتالى يصبح بإمكانه القضاء على تجارة الرقيق -إلا أن تنفيذ مثل هذه السياسة كان من شأنه أن يهدد المصالح الراسخة ومصالح القبائل الرُّحَّل فى شمال السودان لا سيما الدناقلة "والجعليون" الذين انغمسوا فى تجارة الرقيق وتطوروا من تجار صغار (جلّابة) إلى تجار أمراء مثل الزُّبَيْر رَحْمة منصور سيد بحر الغزال الغريبة وقاهر دارفود- وازداد الموقف خطورة حين عين الخديو أوربيين وأمريكيين لتنفيذ سياسته. إذ كان لتعيين مسيحيين فى وظائف عليا وقع كريه فى نفوس السودانين. وكان أحد رؤساء هؤلاء المغتربين هو الضابط البريطانى تشارلز جورج جوردون الذى لعب -بوصفه حاكما للإقليم الاستوائى (١٨٧٣ - ١٨٧٦ م) وحاكما عاما للسودان (١٨٧٧ - ١٨٧٩ م) - دورا رئيسيا فى تلك المحاولات التى