للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - قوله: "فَلْتَرُعْكَ العواذل" من رَوَّعَهُ يُرَوِّعُه إذا كفه (١)، والعواذل ها هنا حوادث الدهر وزواجره، وإسناد العذل إليه مجاز (٢).

الإعراب:

قوله: "ألا كل شيء"، ألا: حرف استفتاح، غير مركبة؛ ولذلك قال سيبويه (٣): إذا سميت بها أعربت ولم تحك، وهي (٤) بمنزلة: قفا (٥)، وادعى الزمخشري (٦) فيها التركيب (٧)، ولم يقم على دعواه الدليل، فتصدر (٨) بها الجملة الاسمية؛ كقوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ﴾ [البقرة: ١٢]، والفعلية؛ كقوله تعالى: ﴿أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ﴾ [هود: ٨].

ولفظ (كل) المشهور فيه أن لا يخلو استعماله عن الإضافة لفظًا، فإن خلا لفظًا يكون مضافًا معنى؛ كقوله تعالى: ﴿وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾ [النمل: ٨٧] (٩)، وأجاز الأخفش (١٠) تجريده


(١) في القاموس مادة: "روع" راع فلانًا أفزعه يتعدى، ويلزم كروع بالتشديد، والروع الفزع، وهو المقصود، فقول العيني في معناه: "كفه" غير صحيح. وفي الصحاح مادة: "روع" الرَوْعُ بالفتح: الفَزَعُ. والرَوْعَةُ: الفَزْعَةُ، ومنه قولهم: "أفزعَ رَوْعُهُ، أي ذهب فَزعُه، ورُعْتُ فُلانًا ورَوَّعْتُهُ فارْتاعَ، أي أَفزعته ففزع. وتَرَوَّعَ، أي تَفَزَّع".
(٢) هو مجاز عقلي؛ حيث أسند الفعل إلى العواذل، والعواذل ها هنا حوادث الدهر؛ فهي التي تروعه أي تفزعه، فهو إسناد إلى غير ما هو له، لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي. ينظر علم البيان، عبد العزيز عتيق (١٤٥) وما بعدها.
(٣) هو عمرو بن عثمان بن قنبر من موالي بني الحارث بن كعب، اشتهر بلقبه سيبويه، وهو لقب أعجمي، ومعناه رائحة التفاح، يسمى كتابه المشهور قرآن النحو؛ لأنه أول كتاب في هذا العلم، وسيبويه يعد عمدة النحويين (ت ١٨٠ هـ). ينظر مراتب النحويين (٦٥)، وطبقات النحويين واللغويين للزبيدي (٦٦)، ومجالس العلماء للزجاجي (٨/ ١٥٤)، وطبقات القراء لابن الجزري (١/ ٦٠٢)، وشذرات الذهب (١/ ٢٥٢).
(٤) في (أ): "فهي".
(٥) قال سيبويه: "ألا التي في الاستفهام حكاية، وأما قولك: ألا إنه ظريف، وأما إنه ظريف فبمنزلة قفًا ورحًى ونحو ذلك" الكتاب (٣/ ٢٣٢)، ط هارون.
(٦) محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشري، من أئمة الدين والتفسير واللغة، صنَّف الكشاف وأساس البلاغة والمفصل وغيرها (ت ٥٣٨ هـ). الأعلام (٧/ ١٧٨).
(٧) قال الزمخشري: "ألا مركبة من همزة الاستفهام وحرف النفي؛ لإعطاء معنى التنبيه على تحقق ما بعدها، والاستفهام إذا دخل على النفي أفاد تحقيقًا؛ كقوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ﴾ [القيامة: ٤٠] ولكونها في هذا المنصب من التحقيق لا تكاد تقع الجملة بعدها إلا مصدرة بنحو ما يتلقى به القسم". الكشاف (١/ ٦٢)، وظاهرة التركيب في النحو العربي (٨٩)، د. أحمد السوداني، ط أولى (٢٠٠٥ م).
(٨) في (أ): فيتصدر.
(٩) ينظر بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية (١/ ٢٨٣) وما بعدها، بتحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، أولى (١٩٦٩ م).
(١٠) هو أبو الحسن سعيد بن مسعدة، من أكبر أئمة النحو البصريين بعد سيبويه، صنف: معاني القرآن، وشرح أبيات المعاني، والاشتقاق، ومعاني الشعر وغيرها (ت ٢١٥ هـ). الأعلام (٣/ ١٠١، ١٠٢)، والمدارس النحوية (٩٤) =

<<  <  ج: ص:  >  >>