كتاب المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية

قلت: ضمن شربن هاهنا معنى روين، فلذلك وصلت بالباء، ويقال: هذا شاذ (١).

قوله: "ثم ترفعت": عطف على شربن، قوله: "متى لجج" أي: من لجج، ومتى هاهنا بمعنى من الجارة في لغة هذيل، ويقال: بمعنى وسط (٢)، قوله: "خضر": صفة للجج، قوله: "لهن نئيج": جملة اسمية من المبتدأ وهو نئيج، والخبر وهو لهن، ويصلح أن تكون الجملة حالًا بدون الواو، وهو كثير، وإن كان ضعيفًا.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "متى" فإنها حرف جر بمعنى من كما ذكرنا (٣).

الشاهد الثالث والخمسون بعد الخمسمائة (٤)، (٥)

رُب رِفْد هَرَقَتْهُ ذلكَ اليو … م وأسرى من مَعشَرٍ أَقْيالِ

أقول: قائله هو الأعشى، أعشى همدان، واسمه: عبد الرحمن بن عبد الله، وهو من قصيدة لامية من الخفيف، وبعده (٦):

٢ - وَشُيوخ حَربَي بِشَطّي أريك … ونسَاء كَأنهُن السعَالي

٣ - وشريكين في كَثير مِن الْما … ل وكَانَا مُحَالِفَي إقْلال

٤ - قَسَّمَا الطارفَ التليد منَ الغنـ … ـم فَآَبَا كلاهُمَا ذُو مَال

١ - قوله: "رفد" بكسر الراء وفتحها، وهو الشيء المبذول، والقدح الكبير -أيضًا-، قوله: "هرقته" أي: أرقته؛ من الإراقة، و"أسرى": جمع أسير، وقوله: "أقيال": جمع قيل -بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف، وهو الملك، وأكثر ما يطلق على ملوك حمير، ويروى: أقتال بالتاء المثناة من فوق؛ جمع قتل -بكسر القاف وسكون التاء المثناة، وهو العدو.

(١) ينظر اللسان مادة: "شرب".
(٢) ينظر الجنى الداني (٥٠٥)، وحروف المعاني لعبد الحي علي كمال (١٨٣)، المطبعة السلفية (١٣٩٢ هـ)، أولى.
(٣) ينظر الجنى الداني (٥٠٥).
(٤) ابن الناظم (١٤٠).
(٥) البيت من بحر الخفيف، من قصيدة طويلة بلغت (٧٥ بيتًا) للأعشى ميمون بن قيس يمدح بها الأسود بن المنذر أخا النعمان بن المنذر اللخمي، وهي في ديوانه (٣٩)، وقد اختلط على العيني فظن أن المقصود بالأعشى هو أعشى همدان، قال صاحب الخزانة (٩/ ٥٧٥): "ولا يخفى أن هذا الشاعر إسلامي في الدولة المروانية زمن الحجاج، ولم يكن في زمن الأسود بن المنذر"، وانظر الشاهد في الخزانة (٩/ ٥٧٠)، والدرر (١/ ٧٩)، وابن يعيش (٨/ ٢٨)، ومغني اللبيب (٥٨٧).
(٦) ينظر الديوان (٣٩) تحقيق: الدكتور: محمد محمد حسين (المكتب الشرقي- بيروت).