للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن هذا بأنه يحتمل أن تكون "من" لابتداء الغاية، وتكون الكاف في قوله: "كالموت" اسمًا، ويكون المعنى: وكنت أرى من بين ساعة حالًا مثل الموت؛ كما في قولهم: رأيت منك أسدًا (١)، [فيكون من باب التجريد] (٢)، وفي البيت استشهاد آخر، وهو توسط خبر كان، كما بيناه.

الشاهد السابع والستون بعد الخمسمائة (٣)، (٤)

يَظَلُّ به الحِرْبَاءُ يَمْثُلُ قَائمًا .... وَيَكْثُرُ فيه منْ حنين الأَباعر

أقول: [لم أقف على اسم قائله] (٥) يصف به الشاعر يومًا توهج حره واشتد جمره.

وهو من الطويل.

قوله: "يظل" بالفتح؛ مضارع ظللت بالكسر، يقال: ظل يفعل إذا فعل نهارًا أو بات يفعل إذا فعل ليلًا، وكون بمعنى: صار؛ كقوله تعالى: ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا﴾ [النحل: (٥٨)]، وهو المراد هاهنا.

و"الحرباء": ذكر أم حبين، وهو حيوان يرى له سنام كسنام الجمل يستقبل الشمس ويدور معها كيفما دارت ويتلون ألوانًا بحر الشمس، وهو في الظل أخضر، ويكنى: أبا قرة، وبه يضرب المثل في الحزامة؛ لأنه يلزم ساق الشجر فلا يرسله إلا ويمسك ساقًا آخر، وجمع الحرباء: حِرابي، والأنثى: حرباءة، وألف حرباء للإلحاق بقرطاس، فلذلك ينون ويلحقه الهاء، ومثله: العلباء.

قوله: "يمثل" أي: ينتصب، من باب نصر ينصر، و "الأباعر": جمع بعران في جمع بعير.

الإعراب:

قوله: "ظل": فعل، و "الحرباء" فاعله؛ يعني اسمه، والباء في: "به" بمعنى: في؛ أي: فيه، والضمير يرجع إلى اليوم؛ لأنه يصف يومًا شديد الحر بحيث أن الحرباء ينتصب قائمًا ولا يتحرك من شدة الحر ويكثر فيه حنين الأباعر، أي: صوتها الحزين.

قوله: "يمثل": جملة خبر يظل، و "قائمًا": حال من الضمير الذي في: "يمثل" الراجع إلى الحرباء، قوله: "ويكر": عطف على قوله: "يظل به الحرباء"، قوله: "فيه" أي: في اليوم الذي وصفه الشاعر.


(١) ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ١٣٨، ١٣٩).
(٢) ما بين المعقوفين سقط في (أ): وزيادة في هامش (ب).
(٣) ابن الناظم (١٤٢).
(٤) البيت من بحر الطويل، وهو مجهول القائل، وانظره في الدرر (٤/ ١٨٣)، وهمع الهوامع للسيوطي (٢/ ٣٥)، وشرح التسهيل لابن مالك (٣/ ١٣٩).
(٥) ما بين المعقوفين سقط في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>