للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو من الخفيف، يصف الشاعر بهذا في الحقيقة رجلًا يأوي ذرا الجبال بالليالي دائمًا خوفًا من عدوه يدهمه في منزله؛ كحمير الوحش التي تتعلق برؤوس الجبال في الليالي خوفًا من دهمة مفترس.

قوله: "كالفراء" بكسر الفاء وتخفيف الراء وبعد الألف همزة، وهو جمع فرا بفتح الفاء والراء المقصورة، وهو الحمار الوحشي؛ كجبل يجمع على جبال، وقد ضبطه بعضهم بضم الفاء وتخفيف الراء وبعد الألف راء أخرى، وهذا غير صحيح، وإن كان له وجه في المعنى؛ لأن فرارًا على وزن طوال ولد البقرة الوحشية، وكذلك الفرير مثل طويل، ويقال: الفرار جمع فرير، قال أبو عبيدة: ولم يأت على فعال شيء من الجمع إلا أحرف هذا أحدها.

قوله: "ذراها" بضم الذال المعجمة؛ جمع ذروة [الجبل] (١) وهي أعلاه، ومنه ذروة السنام [والضمير يرجع إلى الجبال] (٢)، قوله: "حين يطوي" أي: حين يسد المسامعَ الصرارُ وهو بفتح الصاد وتشديد الراء، وهو الطير الذي يصيح بالليل، وهو الذي يسمى الجدجد بضمتين.

الإعراب:

قوله: "أبدًا": نصب على الظرف، قوله: "كالفراء" الكاف اسم في محل الرفع على الابتداء، والظرف، أعني قوله: "فوق ذراها": خبره، يعني: الحمير الوحشية مستمرة فوق ذراها بالليالي، ويخبر بهذه الجملة عن استمرار كون الفراء فوق ذرا الجبال، وهو معنى قوله: "أبدًا"، أي: مستمرًّا دائمًا، وذلك إنما يكون غالبًا حين يقوى صياح الصرار، وذلك لا يكون إلا بالليل؛ لأن الصرار لا يقوى صياحه إلا بالليل، ولكن ذكر هذه الجملة وأراد في الحقيقة بيان حال الرجل الذي ذكرناه آنفًا، والتقدير: مثل هذا الرجل المستمر فوق رؤوس الجبال بالليالي مثل الفراء المستترة فيها فافهم.

وفي الحقيقة: الكاف في محل الرفع على الخبرية وبحسب الظاهر من غير التقدير هي في محل الرفع على الابتداء وعليه كلام ابن الناظم حيث قال: ومبتدأ -أي ويكون مبتدأ، وعليه قول الشاعر:

أبدًا كالفراء ............ … ....................... إلخ

[قوله: "] (٣) حين": نصب على الظرف، و "يطوي": فعل، و "الصرار": فاعله،


= الجبل بالليل، وهو حذر من عدو يباغته، وانظر بيت الشاهد في شرح الكافية الشافية لابن مالك (٨١٣).
(١) و (٢) و (٣) ما بين المعقوفين سقط في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>