للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستشهاد فيه:

في قوله: "ليس الغالب" فإن الكوفيين والبغداديين احتجوا بأن: "ليس" تجيء عاطفة بمنزلة "لا"، والتقدير: لا الغالب (١)، وأجيب عن ذلك بأن قوله: "الغالب" اسم ليس، والخبر محذوف تقديره: ليس الغالب إياه (٢).

وقال ابن مالك: وهو في الأصل ضمير متصل عائد على الأشرم؛ أي: ليسه الغالب؛ كقولك: الصديق كأنه زيد، ثم تحذف فتقول: الصديق كان زيد (٣)، ومقتضى كلامه: أنه لولا تقديره متصلًا لم يجز حذفه، وفيه نظر فافهم (٤).


(١) أجاز الكوفيون في "لي" أن تكون من حروف العطف نحو: قام زيد ليس عمرو، حكى هذا عنهم النحاس وابن بابشاذ، كما حكاه ابن عصفور عن البغداديين، واحتجوا في ذلك بقول الصديق أبي بكر ﵁: "بأبي شبيه بالنبي لا شبيه بعلي" كما احتجوا أيضًا برجز قاله نفيل بن حبيب. قال ابن مالك: "وأجاز الكوفيون استعمال (ليس) حرفًا عاطفًا فيقولون: قام زيد ليس عمرو؛ كما يقال: قام زيد لاعمرو، ومن أجودها ما يحتج لهم به قول أبي بكر الصديق ﵁: (بأبي شيبه بالنبي لا شيبه بعلي)، ومما يحتج لهم به أيضًا قول الراجز: (البيت)، كما يقال: والأشرم المغلوب لا الغالب". شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٣٤٦)، وقال ابن عصفور: "وزاد البغداديون في حروف العطف (ليس) واستدلوا على ذلك بقوله:
وإذَا وُلِّيتَ قَرْضًا فَاجْزِهِ … إِنمَا يَجْزِي الفَتَى ليس الجَمَلْ
فالجمل عنده معطوف على الفتى بـ (ليس) كأنه قال: "الجمل". شرح جمل الزجاجي الكبير لابن عصفور (١/ ٢٢٥)، وينظر ارتشاف الضرب (٢/ ٦٣٠، ٦٣١).
(٢) قال أبو حيان: "والعطف بليس عند البصريين خطأ، وقال ابن كيسان: قال الكسائي هي على بابها ترفع اسمًا وتنصب خبرًا وأجريت في النسق مجرى (لا) مضمرًا اسمها، فإذا قلت: رأيت زيدًا ليس عمرًا ففيها اسم مجهول وهو الأمر، ورأيت محذوفًا اكتفاء بالتي تقدمها، وعمرو محمول على المحذوف لا على العطف على ما قبله. قال ابن كيسان: وهذا الذي أذهب إليه، لأن ليس فعل، ولابد للفعل من اسم، فإذا عملت في اسم فلا بد من خبر، والخبر حذفه جائز. انتهى. وفي الحقيقة: ليست (ليس) عندهم أداة عطف؛ لأنهم أضمروا الخبر في قولهما: قام زيد ليس عمرو، وفي النصب والجر جعلوا الاسم ضمير المجهول وأضمروا الفعل بعدها، وذلك الفعل المضمر في موضع خبر ليس، هذا تحرير مذهبهم فليس لعطف مفرد على مفرد ما يفهم من كلام ابن عصفور وابن مالك وهشام وابن كيسان أعرف بتقدير مذهب الكوفيين منهما" ارتشاف الضرب (٢/ ٦٣١).
(٣) شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٣٤٦)، وينظر شرح الكافية الشافية (١٤٣٣)، والمغني (٢٩٦)، والارتشاف (٢/ ٦٣١).
(٤) ينظر المغني (٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>