للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدرهمان منقولًا النفي إليهما؛ فصار كأنه قال: ما له عليَّ درهم وما له عليّ درهمان (١)، وما قاله مخالف لاستعمال العرب؛ ألا ترى إلى قول الشاعر:

لو اعتصمت ............... … ...................... إلى آخره

فإنه يرد عليه هذا القول على ما لا يخفى (٢).

الشاهد الحادي والثمانون بعد الثمانمائة (٣)، (٤)

وَمَا انْتَمَيتُ إِلَى خُورٍ ولَا كُشُفٍ … ولَا لِئَامٍ غَدَاةَ الرَّوْعِ أَوْزَاعِ

بَلْ ضَارِبينَ حَبِيكَ البِيضِ إِنْ لَحِقُوا … شُمّ العَرَانِيِن عندَ المَوْتِ لُذَّاعِ

أقول: قائلهما (٥) هو ضرار بن خطاب، وهو من قصيدة من البسيط قالها يوم أحد، وأولها هو قوله (٦):

١ - أَتَى وجَدِّكَ لَوْلَا مقدمِي فَرَسِي … إِذْ جَالتْ الخَيلُ بَينَ الجَزْعِ والقَاعِ

٢ - مَا زَال مِنْكُم بِجَنْبِ الجزعِ مِنْ أَحَدٍ … أَصْوَاتَ هَامٍ تَزَاقى أَمْرِهَا شَاعِ

٣ - وَفَارِسٍ قَدْ أَصَابَ السَّيفُ مَفْرِقَهُ … أَفْلَاقُ هَامتهُ كفَرْوَةِ الرَّاعِي

٤ - إِني وجدكَ لَا أَنْفَكُّ مُنْتَطِقًا … بِصَارِمٍ مثْل لَوْنِ المِلْحِ قطاعِ

٥ - عَلَى رِحَالةٍ ملواحٍ مُثَابَرَةٍ … نَحْو الصَّرِيخ إِذَا مَا ثَوَّبَ الدَّاعِي

٦ - وما انتميت ............... … ............................. إلى آخره

٧ - شم بها ليل مسترخٍ حمائلُهُمْ … يَسْعَوْنَ لِلْمَوْتِ سعْيًا غير دَعْدَاعِ


(١) ينظر المقتضب (١/ ١٢)، وشرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٣٦٨)، والمغني (١١٢)، والجنى الداني (٢٣٦).
(٢) تأتي بل حرف عطف، وشرطها أن يتقدمها نفي أو نهي وهي تجعل ما قبلها كالمسكوت عنه وتثبت الحكم لما بعدها؛ أي أن ما قبلها منافٍ لما بعدها، وأجاز المبرد وأبو الحسن عبد الوارث أن تكون ناقلة معنى النفي والنهي إلى ما بعدها؛ وعلى قولهما يصح: ما زيد قائمًا بل قاعدًا وبل قاعد، ويختلف المعنى، وهذا خلاف الواقع في كلام العرب كما في البيت. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٣، ٣٦٨)، والجنى الداني (٢٣٦)، والمغني (١١٢).
(٣) ابن الناظم (٢١١).
(٤) البيت من بحر البسيط، من مقطوعة لضرار بن الخطاب الفهري، قالها يوم أحد، وفيها يفتخر بالشجاعة وحرب الأعداء، وانظر بيت الشاهد في شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٣٦٨)، وشرح الكافية الشافية لابن مالك (١٢٣٥)، وهمع الهوامع للسيوطي (٢/ ١٣٦)، والدرر (٦/ ١٣٤).
(٥) في (أ، ب): قائله.
(٦) انظر المقطوعة كاملة في السيوة النبوية لابن هشام (٢/ ٧١) ط. دار الوفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>