للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد الرابع والثلاثون بعد التسعمائة (١)، (٢)

حُمِّلْتَ أَمْرًا عَظيمًا فَاصْطَبَرْتَ لَهُ … وقُمتَ فِيهِ بِأَمْرِ الله يَا عُمَرَا

أقول: قائله هو جرير بن الخطفي، يرثي به عمر بن عبد العزيز الأموي لما نعي، وأوله:

نَعَى النَّعَاةُ أَمِيرَ المُؤمِنِينَ لَنَا … يَا خَيرَ مَنْ حَجَّ بَيتَ الله واعْتَمَرَا

حُمَّلْتَ أَمْرًا عَظِيمًا فَاضْطَلَعْتَ لَهُ … ...................... إلى آخره

هكذا روى المبرد هذا الشطر (٣)، وبعده:

فالشَّمْسِ طَالِعَةٌ لَيسَتْ بِكَاسِفَةٍ … تَبْكِي عَلَيكَ نُجُومَ الليلِ والقَمَرَا

قوله: "النعاة" بضم النون؛ جمع ناعٍ وهو الَّذي يأتي بخبر الموت، قوله: "فاضطلعت به" من قولهم: فلان مضطلع بهذا الأمر؛ أي: قوي عليه، وهو مفتعل من الضلاعة، ولا يقال: "مطلع".

الإعراب:

قوله: "حملت" على صيغة المجهول، والتاء فيه مفعول ناب عن الفاعل، وقوله: "أمرًا" مفعول ثان، و"عظيمًا" صفته، قوله: "فاصطبرت" جملة معطوفة على الجملة الأولى ومحل "له" نصب على المفعولية، قوله: "وقمت": جملة -أيضًا- معطوفة، وكلمة: "في"، "والباء" كليهما يتعلق بقمت.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "يا عمرَا" فيا حرف نداء، وعمرا: منادى مندوب لأن الألف فيه للندبة، والهاء تزاد في الوقف لخفاء الألف، فإذا وصلت لم تزدها فقلت: يا عمرا ذا الفضل، فإذا وقفت، قلت: يا عمراه، وإنما حذف الشاعر الهاء لاستغنائه عنها (٤).


(١) أوضح المسالك (٤/ ٩).
(٢) البيت من بحر البسيط من مقطوعة عدتها ثلاثة أبيات، وهي لجرير يرثي بها عمر بن عبد العزيز، وانظرها في ديوان جرير (٧٣٦) ط. دار المعارف، وانظر الشاهد في المغني (٣٧٢)، وشرح الأشموني (٣/ ١٣٤)، ١٦٧)، وهمع الهوامع للسيوطي (١/ ١٨٠)، والدرر (٣/ ٤٢)، وشرح التصريح (٢/ ١٦٤)، وشرح شواهد المغني (٧٩٢).
(٣) ينظر الكامل للمبرد (٨٣٣)، تحقيق محمد الدالي.
(٤) المنادى المندوب هو المذكور بعد "يا" أو "وا" تفجعًا لفقده حقيقة أو حكمًا أو توجعًا لكونه ذا ألم، ومن المتفجع عليه حقيقة بيت الشاهد المذكور، ومن المتوجع منه نحو: وا مصيبتاه، ويجري على المنادى المندوب من الأحكام ما يجري على المنادى نحو: يا زيد أو يا أمير المؤمنين أو غير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>