للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد الخامس والثلاثون بعد التسعمائة (١)، (٢)

ذَا ارْعِوَاءً فَلَيسَ بَعْدَ اشْتِعَالِ الرْ … أْسِ شَيبًا إلى الصِّبَا مِنْ سَبِيلِ

أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من الخفيف.

قوله: "ارعواء": من ارعوى عن القبيح إذا رجع، يقال: فلان حسن الرعو والرعوى، قوله: "اشتعال" بالعين المهملة؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْئًا﴾ [مريم: ٤].

الإعراب:

قوله: "ذا": اسم إشارة منادى، وحرف النداء محذوف؛ أي: يا ذا ارعواء، و"ارعواء": نصب على المصدر، وتقديره: يا ذا ارعو ارعواءً، ويجوز أن يكون مفعولًا به، تقديره: يا ذا افعل ارعواء، ونحو ذلك.

قوله: "فليس" الفاء فيه للتعليل، واسم ليس هو قوله: "سبيل"، وكلمة "من" زائدة، تقديره: فليس سبيل بعد شيب الرأس إلى الصبا، [قوله: "إلى الصبا"] (٣) خبره، و"بعد": نصب على الظرف، و"شيبًا": نصب على التمييز.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "ذا ارعواء" حيث حذف منه حرف النداء، والمنادى اسم الإشارة، وأصله: يا ذا ارعواء كما ذكرنا، ونص البصريون على أن حذف حرف النداء مع اسم الإشارة لا يجوز، وقال الكوفيون: يجوز ذلك، واستدلوا بالبيت المذكور، وهو اختيار ابن مالك - أيضًا - (٤).


(١) شرح ابن عقيل (٣/ ٢٥٧).
(٢) البيت من بحر الخفيف لم ينسب في مراجعه، وانظره في شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٣٨٧)، وشرح الأشموني (٣/ ١٣٦)، والمساعد (٢/ ٤٨٥)، وأسرار النداء (٢٤).
(٣) ما بين المعقوفين سقط في (أ، ب).
(٤) منع البصريون حذف أداة النداء إذا كان المنادى اسم إشارة، واعتمدوا في المنع على سببين: الأول: أن اسم الإشارة اسم مبهم، الأصل فيه أن يكون وصفًا لـ"أي" فالأصل في: يا هذا أقبل: يا أيهذا أقبل، فلما حذفت "أي" صار حرف النداء وكأنه بدل منها فلزم ذكره، وقد اعتمد الكوفيون في تجويزهم الحذف من المنادى المشار إليه على رأيين أيضًا: الأول: أن حق الحرف ألا يحذف مما تعرف بواسطة النداء حتَّى لا يظن بقاؤه على أصل التنكير، أما اسم الإشارة فمعرف قبل النداء لا بالنداء، فلا يضر حذف الحرف منه، الثاني: ورد هذا الحذف في فصيح النثر وفي الشعر، فقد جاء في القرآن الكريم: ﴿ثُمْ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٨٥] إذ التقدير: يا هؤلاء، ومن وروده في الشعر قول ذي الرمة غيلان:
إِذَا هَمَلَت عَيْنِي لَهَا قَال صَاحِبِي … بِمِثْلِكَ هذا لَوْعَةً وغَرَامُ
وقول الآخر: (البيت) ". ينظر أسرار النداء (٢٤)، قال الرضي: "وليس في الآية: دليل؛ لأن (هؤلاء) خبر المبتدأ =

<<  <  ج: ص:  >  >>