للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأكيد لفظي، والخبر هو الموصول، وهو قوله: "الَّذي طلقت عام جعتا"، وهذا أَوْلى من ادعاء نداء المضمر بصورة المرفوع وجعله شاذًّا.

وقال ابن عصفور: لا ينادى مضمر إلا نادرًا، والأسماء كلها تنادى إلا المضمرات، أما ضمير الغيبة وضمير التكلم فهما مناقضان لحرف النداء؛ لأن حرف النداء يقتضي الخطاب، ولم يجمع بين حرف النداء والضمير المخاطب؛ لأن أحدهما يغني عن الآخر؛ فلم يجمع بينهما إلا في الشعر مثل قوله:

يا أقْرَعُ بنُ حَابِسٍ يا أنتا … أنت الَّذي طَلَّقْتَ عَامَ جُعْتا

فمنهم من جعل يا تنبيهًا، وجعل أنت مبتدأ، وأنت الثاني إما توكيدًا أو مبتدأ أو فصلًا أو بدلًا. انتهى (١).

وقال أبو حيان: دل كلامه على أن العرب لا تنادي ضمير المتكلم؛ فلا تقول: يا أنا، ولا ضمير الغائب، فلا تقول: يا إياه، ولا: يا هو، فكلام جهلة الصوفية في نداء الله تعالى: يا هو ليس جاريًا على كلام العرب (٢).

الشاهد السابع والثلاثون بعد التسعمائة (٣)، (٤)

هَذِي بَرَزْتِ لنا فَهِجْتِ رَسِيسًا … ..................................

أقول: قائله هو أبو الطيب [أحمد بن الحسين] (٥) المتنبي، وهو من قصيدة طويلة يمدح بها أبا بكر بن محمد بن زريق الطرسوسي، وهو أول القصيدة وتمامه (٦):

........................... … ثمّ انْصَرَفتِ وما شفَيْتِ نَسِيسًا


(١) قال ابن عصفور في المقرب: "والأسماء كلها يجوز نداؤها إلا المضمرات، والأسماء المعرفة بالألف واللام .... وقد ينادى المضمر المخاطب في نادر كلام أو ضرورة شعر، وتكون صيغته صيغة المنصوب نحو ما حكي من قول بعضهم: يا إياك قد كفيتك، وقد يكون كصيغة المرفوع نحو قوله:
يا أبجر بن أبجر يا أنتا … أنت الَّذي طلقت عام جعتا"
ينظر المقرب بشرحه د. علي فاخر (١٠٢٢) (المنصوبات). وينظر شرح الجمل "الكبير" (٢/ ٨٧).
(٢) ارتشاف الضرب (١/ ١١٩)، وانظر أيضًا باب النداء في التذييل والتكميل.
(٣) توضيح المقاصد (٣/ ٢٧٢).
(٤) البيت من بحر الكامل، مطلع قصيدة للمتنبي يمدح بها محمد بن زيد الطرسوسي، بدأها بالغزل، وفيها مبالغات كثيرة في المدح، وانظر الشاهد في المغني (٦٤١)، والمقرب (١/ ١٧٧)، والمعجم المفصل (٤٦١).
(٥) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(٦) ديوان أبي الطيب المتنبي بشرح أبي البقاء العكبري (٢/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>