للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سيبويه: إذا قلت: الطريق الطريق لم يحسن إظهار الفعل؛ لأن أحد الاسمين قام مقامه، فإن أفردت الطريق حسن الإظهار وأنشد: خل الطريق البيت (١).

الشاهد السادس والتسعون بعد التسعمائة (٢)

فإياكَ إِيَّاكَ المرَاءَ فإنَّهُ … إلى الشَّرِّ دَعَّاءٌ وللشّرّ جَالِبُ

أقول: قد مر الكلام فيه مستوفى في شواهد التوكيد (٣).

والاستشهاد فيه هاهنا:

في قوله: "فإياك" فإنه تحذير، ومعناه: احذر، "وإيا" لا تضاف في هذا الباب إلا إلى ياء المتكلم وكاف الخطاب وهاء الغيبة وفروعها، فلذلك قالوا (٤): "فإياه وإيا الشواب" شاذ (٥)، ولا يحذف العاطف بعد "إيا" إلا والمحذور منصوب بإضمار ناصب آخر أو مجرور بمن، مثاله: إياك الشر، فلا يجوز أن يكون الشر منصوبًا بما انتصب به إياك.

وقال سيبويه: لا يجوز: رأسك الجدار، حتى تقول: من الجدار، أو والجدار، وزعموا أن ابن أبي إسحاق أجاز في هذا البيت:

فإياكَ إِيَّاكَ المِرَاءَ فإنَّهُ … ..............................

وكأنه قال إياك ثم أضمر بعد إياك فعلًا، فقال: اتق المراء (٦).

وقال ابن عصفور: إن حذفت الواولم يلزم إضمار الفعل، نحو قوله: فإياك إياك المراء، تقديره: دع المراء (٧).

* * *


(١) ينظر الكتاب (١/ ٢٥٣، ٢٥٤)، وشرح الأشموني (٣/ ١٩١).
(٢) توضيح المقاصد (٤/ ٧٠).
(٣) ينظر الشاهد رقم (٨٤٨).
(٤) هو من أمثلة قول عمر بن الخطاب ﵁: "لتذك لكم الأسل والرماح وإياي وأن يحذف أحدكم الأرنب" ومعناه: يطلب الرحمة في الصيد والذبح ويحذر من الوحشية في رمي الحيوان الضعيف بحجر ونحوه.
(٥) قال الأشموني: "وإياه وما أشبهه من ضمائر الغيبة المنفصلة أشذ من إياي كما في قول بعضهم: إذا بلغ الرجل الستين: فإياه وإيا الشواب، والتقدير: فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب، وفيه شذوذان: مجيء التحذير فيه للغائب وإضافة إيا إلى ظاهر وهو الشواب، ولا يقاس على ذلك ..... ". شرح الأشموني (٣/ ١٩١، ١٩٢).
(٦) ينظر الكتاب (١/ ٢٧٩).
(٧) ينظر شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٤١٠، ٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>