للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولبس عباءة عطف جملة على جملة في البيت المتقدم، وهو قولها: "لبيت تخفق الأرواح فيه" فافهم، وهو كلام إضافي مبتدأ، وخبره قولها: "أحب إلي"، وقولها: "من لبس الشفوف" يتعلق بأحب.

الاستشهاد فيه:

في قولها: "وتقر عيني" حيث نصب الراء فيه بأن مضمرة؛ لأنه لما تقدم في أول البيت مصدر وهو قولها: "لبس" أضمرت أن ونصبت بها تقر ليعطف مصدر على مصدر، والتقدير: ولبس عباءة وقرة عيني، ولو رفعت "وتقر عيني" لجاز على أن ينزل [الفعل منزلة المصدر؛ على نحو قولهم في المثل: تسمع بالمعيدي لا أن تراه (١)؛ فتسمع منزل] (٢) منزلة: سماعك (٣).

الشاهد الثاني والثمانون بعد الألف (٤)، (٥)

لولا توقُّع مُعْتَرٍّ فَأُرْضِيَهُ … ما كُنْتُ أُوثِرُ أتْرَابًا على تَرَبِ

أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.

قوله: "معتر" بتشديد الراء، وهو المعترض للمعروف، قوله: "أترابًا": جمع ترب بكسر التاء المثناة من فوق وسكون الراء، وترب الرجل: لدته، وهو الذي يولد في الوقت الذي ولد فيه (٦).

الإعراب:

قوله: "لولا" لامتناع الثاني لوجود الأول؛ نحو قولك: لولا زيد لهلك عمرو؛ فإن هلاك عمرو منتفٍ لوجود زيد، قوله: "توقع معتر": كلام إضافي مبتدأ، خبره محذوف تقديره: لولا] (٧) توقع


(١) من أمثلة النحويين، وينظر مجمع الأمثال للميداني (١/ ١٢٩)، رقم (٦٥٥).
(٢) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(٣) ينظر ابن يعيش (٧/ ٢٥)، وهو شاهد على أنه لو كان الأول مصدرًا صريحًا لجاز لك أن تظهر "أن" في الثاني كبيت الشاهد، فلو قال: وأن تقر عيني لجاز لأن الأول مصدر، وهو من المواضع التي يطرد فيها نصب المضارع بإضمار أن جائزة الإظهار، وهو أن يكون الفعل معطوفًا على اسم صريح.
(٤) ابن الناظم (٢٦٩)، وتوضيح المقاصد (٤/ ٢٢٠)، وأوضح المسالك (٤/ ١٧٦)، وشرح ابن عقيل (٤/ ٢٢).
(٥) البيت من بحر البسيط، وهو لقائل مجهول يرغب في الغنى ليوزع ماله على الفقراء والمساكين، وانظر بيت الشاهد في شرح شذور الذهب (٤٠٥)، والهمع (٢/ ١٧)، والدرر (٤/ ٩٢)، والتصريح (٢/ ٢٤٤)، والأشموني (٣/ ٣١٤).
(٦) قال الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد في حاشيته على أوضح المسالك (٤/ ١٩٤): "أتراب مصدر أترب الرجل إذا استغنى وصارت أمواله كالتراب، والترب بفتح التاء والراء هو النقر، قال: وقرأه العيني بكسر التاء وسكون الراء، وفسره بلَّدة الرجل، ومن يكون في سنه، وتبع الصبان، والشيخ خالد، وليس من الصواب في قليل ولا كثير.
(٧) إلى هنا نهاية السقط في النسخة (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>