للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكون -أَيضًا- بمعنى: كيف؛ ذكره الأعلم في المخترع، وقال في قوله تعالى: ﴿أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٥٩] إن معناه: كيف يحيي؟ وقيل ذلك -أَيضًا- في قوله تعالى: ﴿فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣] (١)، وقال الضحاك (٢): معناه: متى شئتم (٣).

الشاهد الثاني عشر بعد المائة والألف (٤) , (٥)

مَنْ يَكَدْني بسيئٍ كنتَ منهُ … كالشَّجا بَينَ حَلْقِهِ وَالْوَريدِ

أقول: قائله هو أبو زيد؛ كذا قاله أبو زيد (٦)، وهو من الخفيف.

قوله: "من يكدني": من كاده يكيده كيدًا ومكيدةً، والكيد: المكر، وربما سمي الحرب كيدًا، قوله: "بسيئٍ": من السوء، وأصله: من ساءه يسوءه سوءًا بالفتح نقيض سرّه، قوله: "كنت" بفتح التاء؛ لأنه يمدح بذلك شخصًا، قوله: "كالشجا" بفتح الشين المعجمة، وهو ما نشب (٧) في الحلق من عظم أو غيره، قوله: "والوريد" بفتح الواو وكسر الراء، وهو عِرْق غليظ في العنق، قال الجوهري: حبل الوريد: عرق تزعم العرب أنَّه من الوتين، وهما وريدان مكتنفان صفحتي العنق مما يلي مقدمه غليظان (٨).

الإعراب:

قوله: "من" شرطية، و"يكدني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول؛ فعل الشرط، قوله: "بسيئ" يتعلق بيكدني، قوله: "كنت منه": جواب الشرط، والتاء اسم كان، وقوله: "كالشجا": خبره، والكاف للتشبيه، و"بين" نصب على الظرف مضاف إلى حلقه، و"الوريد": عطف على حلقه، أي: بين حلقه وبين الوريد.


(١) قال الآلوسي: "و ﴿أَنَّى﴾ نصب على الظرفية إن كانت بمعنى متى، وعلى الحالية من هذه إن كانت بمعنى كيف، والعامل فيه على أي حال ﴿يُحْيِي﴾ ". روح المعاني (٢/ ٣٣٤).
(٢) محمَّد بن محمَّد بن الضحاك أبو الحسن المقرئ البغدادي، لم تذكر وفاته. طبقات القراء (٢/ ٢٤٠).
(٣) ينظر القرطبي (٩٠١)، ط. دار الشعب، والكتاب (٣/ ٥٦)، (٤/ ٢٣٥).
(٤) ابن الناظم (٢٧٣)، وشرح ابن عقيل (٤/ ٣٣).
(٥) البيت من بحر الخفيف من قصيدة لأبي زبيد الطَّائيّ، طويلة يرثي بها الجلاح بن أخته وقد مات عطشًا في طريق مكة، وكان من أحب النَّاس إليه، وقد سبق الاستشهاد من هذه القصيدة في باب المنادى، وانظر القصيدة في ديوان أبي زبيد (٤٢)، والشاهد (٥٢) تحقيق: د. نوري القيسي، وانظره في المقتضب (٢/ ٥٩)، ونوادر أبي زيد (٦٨)، والمقرب (١/ ٢٧٥)، وخزانة الأدب (٩/ ٧٦)، ورصف المباني (١٠٥).
(٦) انظر النوادر في اللغة لأبي زيد الأَنْصَارِيّ (٦٨).
(٧) في (أ): ينشب.
(٨) الصحاح مادة: "ورد".

<<  <  ج: ص:  >  >>