للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجبن والخوف، ويقول: لو طارت عصفورة لحسبتها من جبنك خيلًا مسومة قصدت هاتين القبيلتين، وهذا كقول الآخر (١):

ما زِلْتَ تَحْسِبُ كُلَّ شَيءٍ بَعْدَهُم … خَيْلًا تَكُرُ عَلَيكمُ وَرِجَالًا

وكقول الآخر (٢):

إذا صَرَّتِ العُصْفُورُ طَارَ فُؤَادهُ … ................................

ومن هذا القبيل قوله تعالى: ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ﴾ [المنافقون: ٤] ونزلت في المنافقين دالة على جبنهم ورعبهم] (٣).

الإعراب:

قوله: "ولو" الواو للعطف، ولو للشرط، والضمير المتصل بأن اسمها، و "عصفورة": خبرها، قيل: يرجع الضمير في: "أنها" إلى القبيلة التي يمدحها الشاعر، وقيل: الضمير يرجع إلى فرسه السمينة التي يمدحها، فعلى هذا يكون المراد من قوله: "عبيد" هي الفرس المشهورة، وكذلك: "الأزنم" الفرس المشهورة، والأول أصح وأشهر، وقوله: "لحسبتها": جواب لو، والضمير المنصوب فيها مفعول أول لحسبت، قوله: "مسومة" بالنصب حال من الضمير الذي في حسبتها، أعني: الضمير المنصوب.

قوله: "تدعو": جملة من الفعل والفاعل في محل النصب على أنها مفعول ثانٍ لحسبتها، وقوله: "عبيد" مفعولها، وقد منع من الصرف للعلمية والتأنيث، و "أزنما": عطف عليه، والألف فيه ألف الإشباع لأجل القافية.


(١) البيت من بحر الكامل، وهو لجرير من قصيدة طويلة يهجو بها الأخطل وهي في ديوانه (١/ ٤٧)، أول الديوان، ط. دار المعارف، ومما قاله:
والتغلبي إذا تنحنح للقرى … حك استه وتمثل الأمثالا
وقد ذكر البيت مرتين في الحيوان للجاحظ (٥/ ٢٤٠)، (٦/ ٤٢٩)، في تصوير الفزع والجبن.
(٢) صدر بيت من بحر الطويل، قائله حرثان بن عمرو يهجو به أمية بن عبد الله بن أسيد، وعجزه قوله:
............................ … وليث حديد الناب عند الترائد
وهو من أقزع الهجاء حتى إن ابن عبد الملك بن مروان سأل المهجو يومًا لما هجاك صاحبك، فقال له: يا أمير المؤمنين، وجب عليه حد فأقمته، فقال له الخليفة: هل درأت عنه الشبهات، فقال: كان الحد أبين، انظر القصة في الأمالي (١/ ١٥٧).
(٣) ما بين المعقوفين سقط في النسخ التي بين أيدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>