للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد الثاني والتسعون بعد المائة والألف (١)، (٢)

والمَرْءُ يُبْلِيهِ بِلاءَ السِّرْبالْ … تعَاقُبُ الإِهْلالِ بَعْدَ الإهْلالْ

أقول: قائله هو العجاج الراجز وهو من السريع.

قوله: "يبليه" من بلِي الثَّوْبُ يَبْلَى إذا خَلق، وقال ابن يسعون: معنى يبليه هاهنا يمتحنه ويخلقه؛ لأنه يتلف جِدَّتَهُ [ويضعف حِدَّتَهُ] (٣)، قوله: "بلاء السربال" قال الجوهري: بَليَ الثوب بلًى بكسر الباء، فإنْ فتحتها مدَدْتَ، قال العجاج:

والمَرْءُ يُبليهِ بَلاءَ السِّربَالْ … كرُّ الليالِي واخْتلَافُ الأَحوَالْ (٤)

وقال ابن يسعون: هو مصدر بلاه اللَّه يبلوه بلاة في معنى أبلاه بلاء، فجاء على غير فعله لتقارب اللفظين واتفاق المعنيين، قوله: "تعاقب الإهلال" أي: توارده، وهو من أهل الشهر إهلالًا.

الإعراب:

قوله: "والمرء": مبتدأ، وخبره الجملة التي بعده وهي قوله: "يبليه"، وهي جملة من الفعل والمفعول، والفاعل هو قوله: (تعاقب الإهلال)، قوله: "بلاء السربال": كلام إضافي، وانتصابه على المصدرية، والمعنى: يبليه بلاء كبلاء السربال، وفي الحقيقة هو منصوب بنزع الخافض، والجملة صفة للمصدر المحذوف.

الاستشهاد فيه:

في قوله: "بلاء السربال" حيث مد بلاء وهو مقصور، واعلم أن الاستشهاد به إنما يصح إذا قرئ: بِلاء السربال بكسر الباء، وأما إذا فتحتها فلا استشهاد على ما لا يخفى عليك من كلام الجوهري.


(١) توضيح المقاصد (٥/ ١٧).
(٢) بيتان من بحر الواسع المشطور نسبا للعجاج وليسا في ديوانه، وانظرهما في الصحاح للجوهري: "بلي"، وكتاب التكملة للفارسي (٣٦١)، واللسان: "بلا".
(٣) ما بين المعقوفين سقط في (ب).
(٤) الصحاح مادة: "بلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>