للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعل في المعنى يرجع إلى الرجلين المذكورين في البيت السابق وهما: "مدرك ومرة"، والضمير الثاني في موضع نصب على المفعولية، وهو عائد إلى الضغمة، والتقدير: وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة يقرع العظم نابها لأجل ضغمهما إياها مثل هذه الضغمة التي أصابتها.

وقيل: الضمير الأول يرجع إلى الذئبين المذكورين في البيت السابق، والثاني إلى النفس يقول: لكثرة ما أصابه من المحن ورزايا الدهر عادت نفسي تروم وتطيب لأن يعضها السباع وتهلكها لتتخلص مما [هي] (١) عليه.

وقيل: الضمير الأول مفعول به، والثاني: فاعل، أي تطيب نفسي لأن ضغمتهما ضغمة كما ضغمتني.

قوله: "يقرع العظم نابها" في موضع [خفض إما] (٢) صفة لضغمة الأولى، وفصل للضرورة بالجار والمجرور وهو لضغمهماها، وهذا ضعيف لأجل الفصل بين الصفة والموصوف بالأجنبي، وإما في موضع الصفة لمثل محذوف؛ لأن معناه: لضغمهما مثلها؛ لأن الضغمة الأولى لم تصب هذين، وإنما أصابهما مثلها، فهو في المعنى مراده، ومثلٌ: نكرة وإن أضيف إلى المعرفة فجاز أن يوصف بالجملة ويجوز أن [يكون] (٣) "يقرع العظم نابها": جملة مستأنفة تبين أمر الضغمة في الموضعين جميعًا؛ فلا موضع لها من الإعراب؛ لأنها لم تقع موقع مفرد.

فإن قلتَ: فإذا كان اللام في لضغمهما للتعليل على ما ذكرت فما موقعه؟

قلتُ: هو بدل من قوله: "لضغمة".

فإن قلتَ: الضغم مصدر، والضغمة مرة منه، فكيف يجوز إبدال العام من الخاص؟ وهذا عندهم من بدل الغلط؛ كما في قولك: مررت بزيد القوم؟

قلت: يجوز أن تكون الضغمة بمعنى الضغم؛ كالرجمة بمعنى الرجم، فالتاء ليست للمرة، أو نكون التاء محذوفة من الأخيرة للضرورة، أي لضغمتهماها.

الاستشهاد فيه:

في اجتماع الضميرين، وكان القياس في الثاني منهما الانفصال فجاء متصلًا على غير القياس نحو: لضغمهماها، والقياس لضغمهما إياها، وقال ابن يسعون: استشهد به أبو علي في الإيضاح على وقوع الضمير المتصل موقع المنفصل؛ لأن مجيء الضمير المنفصل مع المصدر أحسن. والمصدر هو لضغمهما، وهو مضاف إلى هما، وهما في المعنى فاعلان، والمفعول المضغوم محذوف،


(١) و (٢) و (٣) ما بين المعقوفين سقط في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>