للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستشهاد فيه:

في قوله: "أكُلُّ عَام نَعَم" وهو وقوع ظرف الزمان وهو قوله: "كل عام" خبرًا عن الجثة وهو "نعم" وهذا لا يجوز إلا بالتأويل، وتأويل هذا أنَّه محمول على الحذف، تقديره: أكل عام حدوث نعم، والحدوث لكونه مصدرًا، جاز وقوع الزمان خبرًا عنه (١)، وقدره ابن الناظم: أكل عام إحراز نعم (٢)، وقدره بعضهم: أكل عام نهب نعم (٣)، والأحسن: أن يكون نعم فاعل الظرف (٤) لاعتماده، فلا مبتدأ ولا خبر، ومع هذا فلا بد من التقدير -أَيضًا - لأجل المعنى، لا لأجل المبتدأ؛ إذ الذي يحكم له بالاستقرار هو الأفعال لا الذوات، فافهم (٥).

الشاهد السابع والخمسون بعد المائة (٦)، (٧)

لَوْلا اصْطبَارٌ لأَوْدَى كُلُّ ذِي مِقَةٍ … لَما اسْتَقَلَّتْ مَطَاياهنَّ لِلظَّعْنِ

أقول: لم أقف على اسم قائله، وهو من البسيط.

قوله: "لأودى" أي: لهلك يقال: أودى إذا هلك، وهو فعل لازم، قوله: "ذي مقة" أي: ذي محبة، من ومق يمق مقة، أصله: ومق، فلما حذفت الواو اتباعًا لفعله، عوض عنها الهاء؛ كما في: عدة (٨).


(١) هو تقدير المبرد. ينظر المقتضب (٣/ ٢٧٤)، وعلل البغدادي لهذا التقدير قائلًا: "أقول: المبرد قدر هذا المضاف لصحة الإخبار عنه، لا لأنه عامل في الظرف، وكيف يكون العامل في "كل" الاستقرار مع كون الخبر محذوفًا مقدرًا بلكم؟! ". الخزانة (١/ ٤٠٧).
(٢) ابن الناظم (٤٤).
(٣) المصدر السابق.
(٤) في (أ): فاعلًا بالظرف.
(٥) هذا الاختيار يوافق ما اختاره ابن هشام في شرح الشواهد .... وينظر الخزانة (١/ ١٩٦)، وما أورده سيبويه فهو رفع "نعم" على الابتداء، وخبرها هو الظرف مقدمًا: "كل نعم" وتقدور المبتدأ: "إحراز نعم" ليصح الإخبار عن العين بالزمان. ينظر الكتاب لسيبويه (١/ ١٢٩)، والإنصاف (٤٧)، والخزانة (١/ ٤٠٨).
(٦) أوضح المسالك (١/ ١٤٢)، وشرح ابن عقيل (١/ ٢٢٤).
(٧) البيت من بحر البسيط، وهو لقائل مجهول، وانظره في حاشية الصبان (١/ ٢٠٧)، والدرر (٢/ ٢٣)، وشرح التصريح (١/ ١٧٠)، وهمع الهوامع للسيوطي (١/ ١٠١).
(٨) إذا وقعت الواو فاء في فعل على وزن: "فَعَل" فإنَّها تحذف في المضارع فتقول: في مضارع وعد: يعد، وإنما حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة، وهما ثقيلتان، فلما انضاف ذلك إلى ثقل الواو، وجب الحذف، ويأتي مصدر فعل الذي فاؤه واو أبدًا على وزن فِعْلة أو فَعْل في الغالب نحو: وَعْد ووعْدة، فأما فِغلة فحذفت الواو لثقل الكسرة في الواو مع أنَّه مصدر لفعل قد حذفت منه الواو؛ فقالوا في وِعْدة: عدة، فألقوا كسرة الواو على ما بعدها ثم حذفوها ولزمت التاء؛ لأنها جعلت كالعوض من الواو. ينظر الممتع (٢/ ٢٢٦، ٢٣٠، ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>