للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الحسنات الكثير، ولكن يكفي من الغيث قطرة، ومن البستان زهرة؛ إنه تقويم عام للكتاب، ووضعه في ميزان النقد، وإعطاء القارئ مقدمة وفكرة عما في الكتاب، حتَّى إذا أخذ في قراءته بابًا بعد باب عرف ما يشتمل عليه كتابه جملة.

[محاسن الكتاب]

أولًا: السير على منهج واحد لم يتغير:

اتخذ العيني لنفسه منهجًا لم يتغير طوال كتابه، وشرحه للشواهد، حيث كان يبدأ بسرد البيت ثم يذكر القائل، ثم يترجم له، ثم يذكر البحر العروضي للبيت، ثم يسرد عدة أبيات من قصيدته، أو يسرد القصيدة كلها إن كانت نادرة، أو من منتخبات الشعر وجيِّده، ثم يشرح مفردات البيت، أو الأبيات التي يسردها، ثم يعرب بيت الشاهد إعرابًا كاملًا، يظهر فيه موضع الجمل، وغير ذلك، ثم يختم الكلام بذكر وجه الاستشهاد، وما فعله العيني هو أمر بين الاختصار والتطويل، وبذلك شرح ما يقرب من ألف وثلاثمائة شاهد، في أربعة أجزاء كما يرى القارئ، بخلاف صاحب الخزانة الذي شرح ألف عن أو أقل في أحد عشر جزءًا، وما ذلك إلا لأن صاحب الخزانة قد أطال الكلام في البيت، ونقل نقولًا كثيرة من كتب الأدب واللغة والنحو.

ثانيًا: شرح العيني أبياتًا لم يشرحها غيره:

انفرد كتاب المقاصد بذكر أبيات وشواهد لا توجد إلَّا فيه؛ حيث جمع صاحبه شواهد أربعة كتب وشروح للألفية، فكثرت الشواهد، وانفرد بعضها بوجودها في هذا الكتاب دون غيره، فمثلًا شواهد باب ظن وأخواتها في كتاب المقاصد جاءت قريبة من خمسين بيتًا، بينما جاءت شواهد هذا الباب في كتاب خزانة الأدب للبغدادي لا تزيد على ثلاثة عشر بيتًا (١).

وهناك أبيات كثيرة في أبواب أخرى انفرد بها العيني، فمثلًا هذا الشاهد، وهو قوله (٢):

تَعَزَّيْتُ عَنْهَا كَارهًا فَتَرَكْتُهَا … وَكَأَنَّ فراقِيَهَا أَمَرُّ من الصَّبْر

فهذا الشاهد لا يوجد إلَّا في كتاب المقاصد دون غيره من الكتب؛ كالخزانة وغيرها، وهو ليحيى بن طالب الحنفي، قاله حين حنَّ إلى وطنه، وفيه مقطوعة شعرية بلغت ثمانية أبيات من


(١) انظر شواهد ظن وأخواتها في الكتاب الذي بين يديك في الجزء الثَّاني.
(٢) انظر الشاهد رقم (٦١) من شواهد هذا الكتاب.
وانظر الحديث عن شواهد ظن وأخواتها في كتاب الخزانة للبغدادي (٩/ ١٢٩ - ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>