للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستشهاد فيه:

حيث ألغي عمل رأيت لكون لام الابتداء مقدرة فيه، والتقدير: لملاك الشيمة الأدب؛ هكذا أوله النحاة، واستشهدوا به مع أنه لا ضرورة في ذلك إلى تقدير لام الابتداء؛ لأجل إلغاء عمل رأيت على أن القافية منصوبة في الحماسة؛ كما ذكرناه، وسيجيء تحقيق الكلام فيه في شواهد المفعول معه.

ثم إن الأخفش والكوفيين استدلوا بالبيت المذكور أن العامل المقدم يجوز إلغاؤه، وأجيب عن ذلك بأن الإلغاء هاهنا باللام المقدرة؛ كما ذكرنا، فلما حذفت بقي التعليق، وهاهنا جوابان آخران ذكرا في التوضيح (١).

الشاهد الثاني والخمسون بعد الثلاثمائة (٢) , (٣)

أَرْجُو وَآمُلُ أَنْ تَدْنُوَ مَوَدَّتُهَا … وَمَا إِخَالُ لَدَيْنَا مِنْكِ تَنْويلُ

أقول: قائله هو كعب بن زهير بن أبي سلمى الصحابي -رضي الله تعالى عنه-، وهو من قصيدته المشهورة التي أولها هو قوله (٤):

بَانَتْ سُعَادُ فَقُلْبِي اليَوْمَ مَتْبُولُ … مُتَيَّمٌ إِثْرَهَا لَم يُفْدَ مَكْبُولُ

وهي من البسيط.


(١) من خصائص أفعال القلوب الإلغاء وهو إبطال عمل هذه الأفعال لفظًا ومعنًى، والإلغاء يكون بتوسط الفعل بين المفعولين أو تأخره عنهما أو تقدمه عليهما، فإن تقدم الفعل على المفعولين ولم يتقدمه شيء فمذهب البصريين أنه يمتنع الإلغاء، وذلك لتقدم الفعل فتقول: ظننت المسافر قادمًا بالنصب فقط ولا يجوز الرفع، وإذا ورد في كلام العرب ما يوهم الإلغاء مع تقدم الفعل أوله البصريون على تقدير ضمير الشأن بعد الفعل ليكون هو المفعول الأول والجملة بعده سدت مسد المفعول الثاني أو على نية لام الابتداء المعلقة والفعل على هذا معلق، وذهب الأخفش والكوفيون إلى جواز إلغاء الفعل مع تقدمه … لكن الإعمال أرجح، واستدلوا على جواز الإلغاء بهذا البيت والذي بعده. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٨٦) وما بعدها، وتوضيح المقاصد (١/ ٣٨٢)، وأوضح المسالك (٢/ ٦٥).
(٢) ابن الناظم (٧٧)، وتوضيح المقاصد (٢/ ٦٧)، وشرح ابن عقيل (٢/ ٤٧).
(٣) البيت من بحر البسيط، من قصيدة كعب بن زهير المشهورة التي يمدح بها رسول الله Object والتي خلع عليه بردته إعجابًا بها وبصاحبها، وبيت الشاهد في الغزل الذي بدأ به كعب قصيدته، وانظر الشاهد في الخزانة (١١/ ٣٠٨)، والتصريح (١/ ٢٥٨)، والهمع (١/ ٥٣)، والدرر (١/ ٣١، ١٣٦)، وشرح لتسهيل لابن مالك (٢/ ٨٦)، وحاشية الصبان (٢/ ٢٩).
(٤) الديوان (٦٠) وما بعدها، شرح علي فاعور، ورواية البيت الشاهد هكذا في الديوان:
أرجو وآمل أن يعجلنا في أبد … وما لهن طوال الدهر تعجيل
وعلى هذا فلا شاهد في البيت.

<<  <  ج: ص:  >  >>