للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد التاسع عشر بعد الأربعمائة (١)، (٢)

لا تَجْزَعِي إن مُنْفِسًا أَهْلَكْتُهُ … فَإذَا هَلَكتُ فَعِنْدَ ذَلكَ فَاجْزَعِي

أقول: قائله هو النمر بن تولب العكلي (٣).

وهو من قصيدة من الكامل وأولها هو قوله:

١ - قَالتْ لِتعذِلني منَ الليلِ اسمَعِ … سفها تَبَيتُك المَلامَةُ فاهْجعي

٢ - لَا تعجَلِي لِغَدٍ فَأَمْرُ غَدٍ لَهُ … أتَعْجَلِينَ الشَّرَّ مَا لَم تُمْنَعِي

٣ - قَامَتْ تُبْكي أَنْ سَبَأت لفتْيَةٍ … زِقًّا وَخَابيَةً بعَوْدٍ مُقْطّعِ

٤ - لا تجزعي ................. … .................... إلى آخره

٥ - وإذا أتاني إخْوَتِي فَذَريهمُ … يَتعلَّلُوا في العَيشِ أَوْ يَلْهُوا مَعِي

٦ - لَا تَطْرُديهِم عَنْ فِرَاشِي إنَّهُم … لَا بُدَّ يَوْمًا أَنْ سَيخْلُو مَضْجَعِي

قوله: "أن سبأت" بفتح السين المهملة والباء الموحدة وسكون الهمزة، يقال: سبأت الخمر سبأ إذا اشتريتها لتشربها، واستبأتها مثله، ولا يقال ذلك إلا في الخمر خاصة، و: "الفتية" بكسر الفاء جمع فتى، و"فذريهم" أي اتركيهم ولا تتعرضي لهم.

قوله: "يتعلَّلوا" أي يتهلَّلوا يقال فلان يعلل نفسه بفعله، وتعلل به أي تلهى، قوله "منفسًا" بضم الميم وسكون النون وكسر الفاء وهو المال النفيس، قال ابن فارس: يقال مال منفس ونفيس


= مسبوق بجملة فعلية كقولك: قام زيد وعمرًا أكرمته، وذلك لأنك إذا رفعت كانت الجملة اسمية فيلزم عطف الاسمية على الفعلية وهما متخالفان، وإذا نصبت كانت الجملة فعلية والتقدير: وأكرمت عمرًا أكرمته، فتكون قد عطف فعلية على فعلية وهما متناسبان والتناسب في العطف أولى من التخالف ولذلك رجح النصب. قال تعالى: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤) وَالْأَنْعَامَ﴾ [النحل: ٤، ٥] أجمعوا على نصب (الأنعام) لأنها مسبوقة بالجملة الفعلية وهي: (خلق الإنسان). ومنها: أن يتقدم على الاسم أداة الغالب فيها أن تدخل على الأفعال كقولك: أزيدًا ضربته؟ وما زيدًا رأيته. قال تعالى: ﴿فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ﴾ [القمر: ٢٤]، ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ١٤٠) وما بعدها، وشرح قطر الندى لابن هشام (١٩٣، ١٩٤)، وشرح الأشموني (٢/ ٧٦، ٧٧).
(١) ابن الناظم (٩٢)، وشرح ابن عقيل (٢/ ١٣٣).
(٢) البيت من بحر الكامل، من قصيدة للنمر بت تولب العكلي الذي أسلم في آخر حياته، ووفد على النبي ﷺ، كان جوادًا واسع العطاء، وكريمًا بماله على أصحابه وضيوفه، والبيت والقصيدة في هذا المعنى، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (١/ ١٣٤)، وشرح أبيات سيبويه (١/ ١٦٠)، ومعاني الحروف للرماني (٤٦)، والمقتضب (٢/ ٧٦)، والجنى الداني (٧٣)، والمغني (١٦٦ - ٤٠٣).
(٣) ينظر الأبيات في خزانة الأدب للبغدادي (١/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>