للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تدخل حينئذ إلا على جملة فعلية صرح بفعلها؛ كما في البيت المذكور، وأما قول المرار (١):

صددتِ فأطْولتِ الصُّدُودَ وقلما … وصَالٌ على طول الصُّدود يدوم

فقال سيبويه: ضرورة (٢)، وقال الفارسي: طالما وقلما وكثر ما لا فاعل لهن؛ لأن الكلام لمّا حمل على النفي استغنى عن الفاعل، وما هنا عوض عن الفاعل ونظيره (٣):

........... أما أنت ذا نفر … ...........................

فما عوض عن كان، وإنما جعلت ما عوضًا عن الفاعل؛ إذ كان الفعل لا يخلو عن فاعل (٤).

وقال ابن جني [رحمه اللَّه تعالى]: (٥) ينبغي أن يكتب: طالما وقلما موصولًا بما؛ لأنها خلطت بهما وجعلا شيئًا واحدًا وهيأتهما لوقوع الفعل بعدهما، فلما اتصلا معنًى وجب أن يتصلا خطًّا، وكذا كان يجب في: كثر ما إلا أن الراء لا تتصل بما بعدها.

وحكى أبو محمد عبد الله بن درستويه الصفوي (٦) -[رحمه الله تعالى] (٧): أنها تكتب منفصلة وأنه لا يكتب من الأفعال شيئًا متصلًا إلا نعمَّا وبئسما (٨).

قوله: "يحاول": فعل مضارع، وقوله: "واش": فاعله، وقوله: "غير إفساد": كلام إضافي مفعوله.


(١) البيت من الطويل، ينظر الأغاني (١٠/ ٣٦٥) وروايته:
صددت فأطولتَ الصدود ولا أرى … وصال على طول الصدود يدوم
قال ابن الأعرابي: لم تصرمْ صُرْمَ بَتَّاتٍ، ولكن صرمتَ صرمَ دلال، وأطولت الصدود: أي: أطلته. والبيت من أبيات الكتاب (١/ ٣١)، وفيه نسب لعمر بن أبي ربيعة.
(٢) ينظر الكتاب (٣/ ١١٥).
(٣) هو جزء بيت من الشعر للعباس بن مرداس في الكتاب (١/ ٢٩٣)، وابن يعيش (٢/ ٩٩)، وشواهد المغني (٤٣)، وشرح ابن عقيل (١/ ٢٩٦)، وهو الشاهد رقم (٢٠٦) من شواهد الكتاب الذي بين يديك.
والشاهد فيه هنا هو حذف كان والتعويض عنها بما تعويضًا لازمًا.
(٤) ينظر البغداديات (٢٩٦ - ٣٠١).
(٥) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(٦) هو عبد الله بن جعفر بن درستويه، صنف الإرشاد في النحو وشرح الفصيح وغيرهما: (ت ٣٤٧ هـ)، ينظر بغية الوعاة (٢/ ٣٦).
(٧) ما بين المعقوفين سقط في (أ).
(٨) انظر نصه في كتاب الكُتّاب (٦١)، يقول: "ولا يجوز أن يوصل ما أشبه نعم وبئس من الأفعال بما؛ كقولك: حسن ما علت به، وعظم ما أتيت، ولا مثل: طال ما، وقل ما، وإن سكنت بساطتهما وكثرا في الكلام، لأنهما لم يغيرا عن أبنيتهما، وليس فيهما ما في نعم وبئس".

<<  <  ج: ص:  >  >>