للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الاجتهاد كان هذا والأول سواء من حيث أنه لا ينتقض الاجتهاد باجتهاد مثله فإن تبين أنه هاشمي فكذلك الجواب في ظاهر الراوية لأنّ المنع من جواز صرف الواجب إليه باعتبار النسب مع أن التصدق عليه قربة فهو وفصل الأب سواء، وفي جامع البرامكة روى أبو يوسف عن أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - أنه يلزمه الإعادة لأنّ كونه من بني هاشم ممّا يوقف عليه في الجملة ويصير كالمعلوم حقيقة، فكان هذا بمنزلة ظهور النص بخلاف الاجتهاد، ودليله أنه لو قال لهاشمي لست بهاشمي فإنّه يحد أو يعزر على حسب ما اختلفوا فيه، ولو تبين أن المدفوع إليه ذمي فهو على هذا الخلاف أيضًا. وفي الأمالي روى أبو يوسف عن أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - أنه لا يجزئه لأنّ الكفر ممّا يوقف عليه، ولهذا لو ظهر أن الشهود كفار بطل قضاء القاضي، وفي ظاهر الرِّواية قال: ما يكون في الاعتقاد فطريق معرفته الاجتهاد، والتصدق على أهل الذِّمَّة قربة فهو وما سبق سواء، وفي الكتاب قال: أعطى ذميًّا أخبره أنه مسلم أو كان عليه سيما المسلمين، وفي هذا دليل أنه يجوز تحكيم السيما في هذا الباب قال تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} [الرحمن: ٤١]. وقال تعالى: {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} [البقرة: ٢٧٣]. وفيه دليل: أن الذمي إذا قال أنا مسلم لا يصير مسلمًا؛ لأنه قال أخبره أنه مسلم ثمّ علم أنه ذمي وهذا لأنّ قوله أنا مسلم؛ أي: منقاد للحق مستسلم وكل أحد يدير ذلك فيما يعتقده، وقد قال بعض المتأخرين المجوسي إذا قال أنا مسلم يحكم بإسلامه لأنهم يتشاءمون بهذا اللّفظ ويتبرؤن منه بخلاف أهل الكتاب.
وإن تبين أن المدفوع إليه مستأمن حربي فهو جائز على ما ذكر في كتاب الزَّكاة، وفي جامع البرامكة روى أبو يوسف عن أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - الفرق بين الذمي والحربي المستأمن فقال: قد نهينا عن البرّ مع من يقاتلنا في ديننا فلا يكون فعله في ذلك، قربة وبدون فعل القربة لا يتأدى الواجب، ولم ننه عن المبرة مع من لا يقاتلنا قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} فيكون فعله في حق الذمي قربة يتأدى به الواجب عند الاشتباه، ولو تبين أنه المدفوع إليه عبده أو مكاتبه لا يجزئه لقصور فعله؛ فإن الواجب عليه بالنص الإيتاء وذلك لا يكون إِلَّا بإخراجه عن ملكه =

<<  <   >  >>