للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فيها والأصل في المسائل بعد هذا أن الحكم للغالب؛ لأنّ المغلوب يصير مستهلكًا في مقابلة الغالب، والمستهلك في حكم المعدوم، ألَّا ترى أن الاسم للغالب فإن الحنطة لا تخلو من حبات الشعير ثمّ يطلق على الكل اسم الحنطة، وعلى هذا قالوا في قرية عامة أهلها المجوس: لا يحل لأحد أن يشتري لحمًا ما لم يعلم أنه ذبيحة مسلم، وفي القرية الّتي عامة أهلها مسلمون يحل ذلك بناء للحكم على الغالب، ويباح لكل أحد الرمي في دار الحرب إلى كلّ من يراه من بعد ما لم يعلم أنه مسلم أو ذمي، ولا يحل له ذلك في دار الإسلام ما لم يعلم أنه حربي، ولو أن أهل الحرب دخلوا قرية من قرى أهل الذِّمَّة لم يجز استرقاق واحد منهم إِلَّا من يعلم بعينه أنه حربي؛ لأنّ الغالب في هذه المواضع أهل الذِّمَّة ولو دخل قوم من أهل الذِّمَّة قرية من قرى أهل الحرب جاز للمسلمين استرقاق أهل تلك القرية إِلَّا من يعلم أنه ذمي. ثمّ المسائل نوعان: مختلط منفصل الأجزاء ومختلط متصل الأجزاء، فمن المختلط الّذي هو منفصل الأجزاء مسألة المساليخ، وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام: إمّا أن تكون الغلبة للحلال، أو للحرام، أو كانا متساويين، وفيه حالتان: حالة الضّرورة بأن كان لا يجد غيرها، وحالة الاختيار ففي حالة الضّرورة يجوز له التّحرِّي في الفصول كلها لأنّ تناول الميِّتة عند الضّرورة جائز له شرعًا فلأن يجوز له التّحرِّي عند الضّرورة وإصابة الحلال بتحريه مأمول كأن أولى، وأما في حالة الاختيار فإن كانت الغلبة للحلال بأن كانت المساليخ ثلاثة: أحدها ميتة جاز له التّحرِّي أيضًا، لأنّ الحلال هو الغالب والحكم للغالب فإذا الطريق جاز له التناول. منها إِلَّا ما يعلم أنه ميتة فالسبيل أن يوقع تحريه على أحدها أما ميتة فيتجنبها ويتناول ما سوى ذلك لا بالتحري بل بغلبة الحلال وكون الحكم له، وإن كان الحرام غالبًا فليس له أن يتحرى عندنا وله ذلك عند الشّافعيّ لأنه يتيقن بوجود الحلال فيها ويرجو إصابته بالتحري فله أن يتحرى كما في الفصل الأوّل، وهذا لأنّ الحرمة في الميِّتة محض حق الشرع والعمل بغالب الرأي جائز في مثله كما في استقبال القبلة فإن جهات الخطأ هناك تغلب على جهات الصواب ولم يمنعه ذلك من العمل بالتحري فهذا مثله. =

<<  <   >  >>