للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= مصدقًا فيما يدعيه لنفسه لا على جهة تكذيبه ولكن من جهة أن كل ماع لنفسه فدعواه غير ثابتة إلا ببينة تشهد له بها. فالشاهد لابنه بمنزلة المدعي لنفسه لما بينا وكذلك قال أصحابنا: إن كل شاهد يجر بشهادته إلى نفسه مغنمًا أو يدفع بها عن نفسه مغرمًا فغير مقبول الشهادة؛ لأنه حينئذٍ يقوم مقام المدعي. والمدعي لا يجوز أن يكون شاهدًا فيما يدعيه، ولا أحد من الناس أصدق من نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذ دلت الأعلام المعجزة على أنه لا يقول إلا حقًا، وإن الكذب غير جائز عليه مع وقوع العلم لنا بمغيب أمره وموافقة باطنه لظاهره، ولم يقتصر فيما ادعاه لنفسه على دعواه دون شهادة غيره حين طالبه الخصم بها وهو قصة خزيمة بن ثابت، حدثنا عبد الرحمن بن سيما قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو اليمان قال: حدثنا شعيب، عن الزهريّ قال: حدثنا عمارة بن خزيمة الأنصاري: أن عمّه حدثه وهو من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابتاع فرسًا من أعرابي وذكر القصة وقال: فطلّق الأعرابي يقول: هلم شهيدًا يشهد أني قد بايعتك. فقال خزيمة: أنا أشهد أنك بايعته، فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - على خزيمةً فقال: بم تشهد؟ فقال: بتصديقك يا رسول الله. فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - شهادة خزيمة بشهادة رجلين، فلم يقتصر النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعواه على ما تقرر وثبت بالدلائل والأعلام أنه لا يقول إلَّا حقًّا ولم يقل للأعرالي حين قال: هلم شهيدًا، أنه لا بينة عليه، وكذلك سائر المدعين، فعليهم: إقامة بينة لا يَجُرُّ بها إلى نفسه مغنمًا، ولا يدفع بها عنها مغرمًا. وشهادة الوالد لولده يجز بها إلى نفسه أعظم المغنم كشهادته لنفسه. والله تعالى أعلم.
ومن هذا الباب أيضًا: شهادة أحد الزوجين للآخر.
وقد اختلف الفقهاء فيها: فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر ومالك والأوزاعي والليث: لا تجوز شهادة واحدٍ منهما للآخر. وقال الثَّوريُّ: تجوز شهادة الرجل لامرأته. وقال الحسن بن صالح: لا تجوز شهادة المرأة لزوجها. وقال الشافعي: تجوز شهادة أحد الزوجين للآخر. قال أبو بكر: هذا نظير شهادة الوالد للولد والولد للوالد وذلك من وجوه: أحدها: أنه معلوم تبسط كل واحدٍ من الزوجين في مال الآخر في العادة، وأنه كالمباح الذي لا يحتاج فيه إلى الاستئذان، فما يثبته الزوج لامرأته =

<<  <   >  >>