للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المتحمل للضمير دون الأول، ونقل عن الفارسي (١) أنه ليس إلا ضمير واحد تحمله الثاني؛ لأن الأول تنزل من

الثاني منزلة الجزء منه، وصار الخبر إنما هو بتمامها.

والذي عليه المحققون أن كل واحد منهما فيه ضمير من جهة كونه مشتقّا؛ قالوا:

ولا يلزم من تحمل المشتق ضميرا أن يكون ذلك المشتق مستقلّا؛ لأن ضمير المشتق ليس معتدّا به كل الاعتداد، بل هو شيء يثبت تقديرا، ولذا ثنوا اسم الفاعل وجمعوه وإن كان فيه ضمير.

ولو روعي الضمير فيه لم يثن ولم يجمع كما لو رفع ظاهرا، ومقتضى هذا التقرير أن العائد على المبتدأ هما الضميران معا، والفائدة حصلت بالرافعين والمرفوعين (٢).

لكن الذي يقتضيه كلام ابن عمرون أن العائد على جهة الاستقلال هو من طريق المعنى. وكان الشيخ بهاء الدين بن النحاس أوضح كلامه، فقال في تعليقه على المقرب: «إن العائد على جهة الاستقلال هو في طريق المعنى ضمير آخر غير الضّميرين اللّذين تحمّلهما المشتقّ من طريق المعنى؛ لأن المعنى: هذا مزّ، قال (٣): ولا يكون ذلك الضمير العائد في حلو [١/ ٣٨١] على انفراده؛ لأنه حينئذ يكون مستقلّا بالخبريّة وليس المعنى عليه، ولا في حامض على انفراده لذلك أيضا، ولا فيهما لأنهما حينئذ يكونان قد رفعا ذلك الضّمير، فيلزم اجتماع العاملين على معمول واحد، وإنّه لا يجوز» انتهى.

وقوله (٤): ولا فيهما لأنهما حينئذ يكونان قد رفعا ذلك الضمير فيلزم ... إلى آخره ممنوع؛ لأن كلّا منهما قد رفع الضمير الذي هو مستتر فيه، والضميران عائدان معا إلى المبتدأ، ويمتنع أن ثم ضميرا ثالثا يعود على المبتدأ؛ ليلزم منه ما ذكره.

وأما إذا قلت: هذا حلو حامض طعمه فهل يكون الظاهر مرفوعا بالثاني أو بالأول فالحق أن طعمه مبتدأ مخبر عنه بما تقدم؛ لأن التنازع في سببي مرفوع غير جائز، -


(١) التذييل والتكميل (٤/ ٩٠) وانظر بحثا لطيفا في هذا الموضوع في كتاب الحجة لأبي علي الفارسي (١/ ١٩٨) وما بعدها (طبعة دمشق).
(٢) انظر شرح الرضي على الكافية: (١/ ١٠٠) قال بعد أن ذكر آية وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ: ففي كل واحد ضمير يرجع إلى المبتدأ إن كان مشتقّا، ولا إشكال فيه.
(٣) أي ابن النحاس في تعليقه على المقرب، وانظر التعليقة ورقة ٣٨، مخطوطة مكتبة الأزهر رقم ٤٩٤٧ من رواق المغاربة.
(٤) أي ابن النحاس في تعليقه على المقرب أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>