للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذلك نحو: كان زيد زهيرا إذا أردت تشبيه زيد بزهير فيما مضى. فإن أردت عكس هذا قلت: كان زهير زيدا فأما إن كان الثاني هو الأول فإن المعنى على كل حال واحد نحو كان أخو عمرو زيدا.

فأما قوله: فكان مضلي من هديت برشده فإن المعنى واحد جعلت الخبر مضلي أو من هديت. إذا أردت أن الهداية والإضلال وقعا فيما مضى ألا ترى أنك إذا قلت: كان مضلي فيما مضى من وقعت الهداية منه إليّ، وكان من وقعت الهداية منه إليّ مضلي فيما مضى كان المعنى واحدا وإنما كان يختلف المعنى لو كان زمن الخبر في الحال وزمن المخبر عنه فيما مضى. ألا ترى أنك إذا قلت كان مضلى فيما مضى من هديت به الآن كان عكس قولك من هديت به فيما مضى الآن.

وأما قوله: كان الهبات صوانها فإنك إذا جعلت الهبات خلاف الصوان بطل المعنى المراد من المدح بجعل الصوان خبرا وإذا جعلت الهبات نفس الصوان كان المعنى واحدا نصبت الصوان وكأنك قلت: كان الهبات صونا لها وكان الصون هبة لها» (١).

وقد أنشد ابن الضائع قول ابن الطراوة واعتراضه على المتنبي وإنما تركت إيراده خوف الإطالة (٢). -


(١) هذا آخر كلام ابن عصفور (شرح الجمل: ١/ ٣٨٦).
(٢) لم أجد ما أشار إليه ناظر الجيش في شرح الجمل لابن الضائع وذلك لأنه قد ضاع منه كثير.
وقد وجدته في التذييل والتكميل (٢/ ٣٧٧) وسألخصه:
قال أبو حيان: وقال الأستاذ أبو الحسن بن الضائع قول ابن الطراوة فاسد واعتراضه على المتنبي فاسد لأن قوله ثياب كريم فيه نعت
للممدوح بالكرم وإذا كان الاسمان معرفتين فلك أن تجعل أيهما شئت الاسم والآخر الخبر ولا بد في البيت من رفع الهبات ونصب الصوان ولو خالفت ذلك انعكس المراد لأن مراده أن الهبات للثياب تقوم مقام الصوان.
وكما رد ابن عصفور وابن الضائع مذهب ابن الطراوة واعتراضه على المتنبي كذلك فعل الصفار في شرحه لكتاب سيبويه. يقول عن مذهب ابن الطراوة:
وهذا المذهب في غاية التخلف لأنه إنما كان ذلك فيما أورده لأن الاسمين متغايران، والعرب إذا قالت:
زيد زهير فالأول كذلك مشبه بالثاني وإذا قالت: زهير زيد فالأول كذلك مشبه بالثاني فهنا إذا قلبت انعكس المراد، فالعقوبة غير العزلة، فالذي يقدمها يكون معهما مخالفا لمعنى التأخير وكان قوله:
فكان مضلي من هديت جعل الشخص الواحد ذا الصفتين بمنزلة شخصين يحصل له هذا.
وأما كان الهبات صوانها فحسن جدّا لأنه جعل نفس الهبة هو الصوان لا غير فأيهما قدمت فهو على -

<<  <  ج: ص:  >  >>